للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الزمان مشتغلين بهذا العلم ومعوِّلين عليه في معرفة المصالح، ولو كان هذا العلمُ فاسدًا بالكلِّية لاستحال إطباقُ أهل المشرق والمغرب عليه».

فانظُر ما في [هذا] الكلام من الكذب والبَهْت والافتراء على العالَم من أوَّل بنائه إلى آخره؛ فإنَّ آدمَ وأولادَه كانوا برآء من ذلك، وأئمَّتكم معترفون بأنَّ أوَّل من عُرِفَ عنه الكلامُ في هذا العلم وتُلُقِّيت عنه أصولُه وأوضاعُه هو إدريسُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - (١)، وكان بعد بناء هذا العالَم بزمنٍ طويل، هذا لو ثبتَ ذلك عن إدريس (٢)، فكيف وهو من الكذب الذي ليس مع صاحبه إلا مجردُ القول بلا علمٍ والكذب على رسول الله؟!

أوليس من الفرية والبَهْت أن يُنسبَ هذا العلمُ إلى أمَّة موسى في زمنه وبعده، وأنهم كانوا معوَّلهم في مصالحهم على هذا العلم، وكذلك أمَّةُ عيسى وأمَّةُ يونس، والذين آمنوا مع نوحٍ ونجوا معه في السفينة؟!

وحسبك بهذا الكذب والافتراء على تلك الأمَّة المضبوطِ أمرُها المحفوظِ فعلُها، فهل كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابُه يعوِّلون على هذا العلم ويعتمدون عليه في مصالحهم، أو قرنُ التابعين بعدهم (٣)، أو قرنُ تابعي التابعين؟!

وهذه هي خيارُ قرون العالم على الإطلاق، كما أنَّ هذه الأمَّة خيرُ أمَّةٍ أخرجت للناس، وهم أعلمُ الأمم وأعرفُها، وأكثرُها كتبًا وتصانيف، وأعلاها


(١) انظر: «فرج المهموم» (٩، ١٩، ٢١، ٣٤، ٣٨، ٤٤).
(٢) انظر: «مجموع الفتاوى» (٣٥/ ٦٦، ١٧٩ - ١٨١، ١٨٧).
(٣) (د، ق): «بعده».