للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شأنًا، وأكملُها في كلِّ خيرٍ ورشدٍ وصلاح، كما ثبت في المسند وغيره عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «أنتم تُوَفُّون سبعين أمَّة، أنتم خيرُها وأكرمُها على الله» (١).

فهل رأيتَ خيارَ قرون هذه الأمَّة والموفَّقين من خلفائها وملوكها وساداتها وكبرائها معوِّلين على هذا العلم أو معتمدين عليه في مصالحهم؟! وهذه سِيَرُهم ما بِعَهْدِها (٢) مِن قِدَم، ولا يتأتَّى الكذبُ عليهم.

هذا، وقد أُعطُوا من التأييد والنصر والظَّفر بعدوِّهم والاستيلاء على ممالك العالم ما لم يظفر به أحدٌ من المعوِّلين على أحكام النجوم، بل لا تجدُ المنجِّمين إلا ذِمَّةً (٣) لهم لولا اعتصامُهم بحبلٍ منهم لقُطِّعت حبالُ أعناقهم، ولا تجدُ المعوِّلين على هذا العلم إلا مخصوصين بالخِذلان والحرمان، وهذا لأنهم حقَّ عليهم قولُه تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ} [الأعراف: ١٥٢]، قال أبو قِلابة: «هي لكلِّ مفترٍ من هذه الأمَّة إلى يوم القيامة» (٤).


(١) أخرجه أحمد (٥/ ٣)، والترمذي (٣٠٠١)، وابن ماجه (٤٢٨٨)، وغيرهم من حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده.
وحسنه الترمذي، وصححه الحاكم (٤/ ٨٤) ولم يتعقبه الذهبي.
(٢) (ق): «يعهدها». وهي مهملة في (ت، د). وفي (ص): «وما نعهدها». والصواب ما أثبت. وهي جملةٌ يكثر دورانها، وردت في شعر الأحوص والشريف الرضي وغيرهما. وانظر: «الصواعق المرسلة» (١٥٥١).
(٣) أي: كأهل الذمة.
(٤) تقدم (ص: ١٤٢٢).