للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نعم؛ لا نُنكِرُ أنَّ هذا العلمَ له طلبةٌ مشغولون به، معتنون بأمره، وهذا لا يدلُّ على صحَّته، فهذا السِّحرُ لم يزل في العالم من يشتغلُ به ويتطلَّبه أعظمَ من اشتغاله بالنجوم وطلبه لها بكثير، وتأثيرُه في الناس مما لا يُنْكَر، أفكان هذا دليلًا على صحَّته؟!

وهذه الأصنامُ لم تَزل تُعْبَدُ في الأرض من قبل نوحٍ وإلى الآن، ولها الهياكلُ المبنيَّةُ والسَّدنة، ولها الجيوشُ التي تُقاتِلُ عنها وتحارِبُ لها، وتختارُ القتلَ والسَّبيَ وعقوبةَ الله ولا تنتهي عنها، أفيدلُّ هذا على صحَّة عبادتها، وأنَّ عُبَّادَها على الحقِّ؟!

ومن العجب قولُه: «لو كان هذا العلمُ فاسدًا لاستحالَ إطباقُ أهل المشرق والمغرب من أوَّل بناء العالم إلى آخره عليه»!

وليس في الفرية أبلغُ من هذا، ولا في البهتان، أترى هذا الرجلَ ما وقف على تأليفٍ لأحدٍ من أهل المشرق والمغرب في إبطال هذا العلم والردِّ على أهله؟!

فقد رأينا نحن وغيرنا ما يزيدُ على مئة مصنَّفٍ في الردِّ على أهله وإبطال أقوالهم، وهذه كتبهم بأيدي الناس، وكثيرٌ منها للفلاسفة الذين يعظِّمهم هؤلاء ويرونَ أنهم خلاصةُ العالَم، كالفارابي وابن سينا وأبي البركات الأوحد وغيرهم، وقد حكينا كلامَهم (١).

وأمَّا الردودُ في ضمن الكتب حينَ (٢) يُرَدُّ على أهل المقالات، فأكثرُ


(١) فيما تقدم (ص: ١١٩٥، ١١٨٢، ١٢٨٩).
(٢) في الأصول: «حتى». تحريف. والمثبت من (ط).