للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبو طالب: «كذبتم» أي: غلطتم فيما قلتم وظننتم. وكذلك معنى قول الهَمْدانيِّ والعبسي.

وهذا مشهورٌ من كلام العرب.

قلت: ومن هذا قولُ سعيد بن جبير: «كذبَ جابرُ بن زيد» يعني في قوله: «الطلاقُ بيد السيِّد» (١)، أي: أخطأ.

ومن هذا قولُ عبادة بن الصامت: «كذبَ أبو محمَّد» لمَّا قال: «الوترُ واجب» (٢) أي: أخطأ.

وفي «الصحيح» (٣) أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «كذَبَ أبو السَّنابل»، لمَّا أفتى أنَّ الحاملَ المتوفَّى عنها زوجُها لا تتزوَّج حتى تتمَّ لها أربعة أشهر وعشرًا، ولو وضعَت.

وهذا كثير.

والمقصود: أنَّ عائشة رضي الله عنها ردَّت هذا الحديث، وأنكرَته، وخطَّأت قائلَه (٤).


(١) أخرجه سعيد بن منصور (١/ ٢١٠)، وعبدالرزاق (٧/ ٢٣٩)، وغيرهما.
(٢) أخرجه أحمد (٥/ ٣١٥)، وأبو داود (٤٢٥)، وغيرهما، وصححه ابن حبان (١٧٣١). وأبو محمد هو مسعود بن زيد بن سبيع الأنصاري، له صحبة، سكن الشام. انظر: «الإصابة» (٦/ ٩٨).
(٣) الحديث في الصحيحين دون موضع الشاهد، وهو عند أحمد (١/ ٤٤٧)، وعبد الرزاق (٦/ ٤٧٤)، والبيهقي (٧/ ٤٢٩)، وغيرهم من طرقٍ موصولة ومرسلة. انظر: «السلسلة الصحيحة» (٣٢٧٤).
(٤) نقل ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (٦٧/ ٣٥٢ - ٣٥٣) تعليقًا طويلًا لابن خزيمة في توجيه تكذيب عائشة لخبر أبي هريرة، والاعتذار لهما. وأظنه من كتاب التوكل من «الصحيح»، وهو من جملة المفقود منه.