للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولكنَّ قولَ عائشة هذا مرجوح (١)، ولها رضي الله عنها اجتهادٌ في ردِّ بعض الأحاديث الصحيحة خالفها فيه غيرُها من الصحابة (٢).

وهي رضي الله عنها لما ظنَّت أنَّ هذا الحديث يقتضي إثباتَ الطِّيَرة التي هي من الشرك لم يَسَعْها غيرُ تكذيبه وردِّه، ولكنَّ الذين رووه ممَّن لا يمكنُ ردُّ روايتهم، ولم ينفرد بهذا أبو هريرة وحده، ولو انفرد به فهو حافظُ الأمَّة على الإطلاق، وكلُّ ما رواه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فهو صحيح، بل قد رواه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - عبد الله بن عمر بن الخطاب، وسهل بن سعد الساعدي، وجابر بن عبد الله الأنصاري، رضي الله عنهم، وأحاديثهم في «الصحيح» (٣).

فالواجبُ بيانُ معنى الحديث، ومباينته للطِّيَرة الشِّركيَّة.

فنقولُ وبالله التوفيق:

هذا الحديثُ قد رُوِي على وجهين:

أحدهما: بالجزم. والثاني: بالشرط.

فأمَّا الأول؛ فرواه مالك، عن ابن شهاب، عن سالم وحمزة ابني عبد الله بن عمر، عن أبيهما أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «الشُّؤم في الدار والمرأة والفرس»، متفقٌ عليه.


(١) انظر: «كشف المشكل» لابن الجوزي (٢/ ٢٦٨).
(٢) وجمع هذه الأحاديث أبو منصور البغدادي والزركشي في كتابين مشهورين مطبوعين بُنِي الثاني منهما على الأول.
(٣) وتقدم تخريجها.