للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأيضًا؛ فَلِمَا كان المرورُ بين ذينِكَ الجبلين قد يُشَوِّشُ (١) القلب.

على أنَّا نقولُ في ذلك قولًا كلِّيًّا نبيِّنُ به سرَّ هذا الباب، بحول الله وعونه وتوفيقه:

اعلَم أنَّ بين الأسماء ومسمَّياتها ارتباطًا قدَّره العزيزُ العليم، وألهَمَه نفوسَ العباد، وجعَله في قلوبهم بحيث لا تنصرفُ عنه، وليس هذا الارتباطُ هو ارتباطَ العلَّة بمعلولها، ولا ارتباطَ المقتضي الوجوبَ لمقتضاه وموجَبه، بل ارتباط تناسُبٍ وتشاكُلٍ اقتضته حكمةُ الحكيم.

فقَلَّ أن ترى اسمًا قبيحًا إلا وبين مسمَّاه وبينه رابطٌ من القُبح، وكذلك إذا تأمَّلتَ الاسم الثقيلَ الذي تنفرُ عنه الأسماع، وتنبو عنه الطِّباع، فإنك تجدُ مسمَّاه يُقارِبُ أو يُلِمُّ أن يُطابِق.

ولهذا من المشهور على ألسنة الناس: أنَّ الألقابَ تنزلُ من السماء (٢). فلا تكادُ تجدُ الاسمَ الشنيعَ القبيحَ إلا على مسمًّى يناسبُه.

وفي ذلك قولُ القائل:

وقَلَّ أنْ أبصَرَتْ عيناكَ ذا لَقَبٍ ... إلا ومعناهُ إن فكَّرتَ في لَقَبِهْ (٣)


(١) (ق): «تشوف». (د، ت، ص) «يشوق». والمثبت من (ط).
(٢) انظر: «التمثيل والمحاضرة» (٤٥)، و «مجمع الأمثال» (٢/ ٢٥٧).
(٣) ثاني بيتين في «نور القبس» (٣٣٢) لبعض أصحاب ثعلب في هجاء المبرد. وهو في «المفردات» للراغب (٧٤٤)، و «شرح المقامات» للشريشي (١/ ٢٤) دون نسبة. وبمعناه في «محاضرات الأدباء» (٣/ ٦٦٠).