للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما كان الدعاءُ على العاطس نوعًا من الظُّلم والبغي جُعِلَ الدعاءُ له بلفظ الرحمة المنافي للظُّلم، وأُمِرَ العاطسُ أن يدعو لسامعه ويُشَمِّته بالمغفرة والهداية وإصلاح البال، فيقول: «يغفرُ الله لنا ولكم» (١)، أو: «يهديكم الله ويصلح بالكم» (٢).

فأما الدعاء بالهداية، فلِمَا أنه اهتدى إلى طاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ورَغِبَ عمَّا كان عليه أهلُ الجاهلية، فدعا له أن يثبِّته الله عليها، ويهديه إليها.

وكذلك الدعاء بإصلاح البال، وهي حكمةٌ جامعةٌ لصلاح شأنه كلِّه، وهي من باب الجزاء على دعائه لأخيه بالرحمة، فناسبَ بأن يجازيه بالدعاء له بإصلاح البال.

وأمَّا الدعاء بالمغفرة، فجاء بلفظٍ يشملُ العاطسَ والمشمِّت، كقوله: «يغفرُ الله لنا ولكم»، ليتحصَّل من مجموع دعوتَي العاطس والمشمِّت لهما المغفرةُ والرحمةُ معًا.

فصلواتُ الله وسلامه على المبعوث بصلاح الدنيا والآخرة.

ولأجل هذا ــ والله أعلم ــ لم يُؤمَر بتشميت من لم يحمد الله (٣)؛ فإن


(١) ورد هذا في أحاديث مرفوعة لا يثبتُ منها شيء، وصحَّ عن غير واحدٍ من الصحابة موقوفًا. انظر: «المستدرك» (٤/ ٢٦٦، ٢٦٧)، و «عمل اليوم والليلة» للنسائي (٢١٢، ٣٢٤، ٢٢٥، ٢٢٩)، و «علل ابن أبي حاتم» (٢/ ٢٤٣)، و «علل الدارقطني» (٥/ ٣٣٤).
(٢) أخرجه البخاري (٦٢٢٤) من حديث أبي هريرة. وهو أحسن وأصحُّ ما ورد في باب تشميت العاطس.
(٣) واختلفوا: هل يستحبُّ لمن عنده أن يذكِّره بالحمد؟ مال المصنف إلى عدم تذكيره؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يذكِّر الذي عطس ولم يحمد الله. انظر: «زاد المعاد» (٢/ ٤٤٢)، و «عارضة الأحوذي» (١٠/ ٢٠٥)، و «الفتح» (١٠/ ٦١١).