للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإذا اجتمعت هذه الأمورُ مع نوع فسادٍ في التصوُّر، أو القصد، أوهَما ما شئتَ من خَبْطٍ وغلطٍ وإشكالاتٍ واحتمالاتٍ وضرب كلامه بعضه ببعض، وإثبات ما نفاه ونفي ما أثبته، والله المستعان.

فصل

وأمَّا قضيةُ المجذوم؛ فلا ريب أنه رُوِي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «فِرَّ من المجذوم فرارَك من الأسد» (١)، وأرسل إلى ذلك المجذوم: «إنَّا قد بايعناك فارجِع» (٢)، وأخَذ بيد مجذومٍ فوضعها في القصعة، وقال: «كُلْ، ثقةً بالله وتوكُّلًا عليه» (٣).

ولا تنافي بين هذه الآثار، ومن أحاطَ علمًا بما قدَّمناه تبيَّن له وجهُها، وأنَّ غايةَ ذلك أنَّ مخالطةَ المجذوم من أسباب العدوى، وهذا السببُ يعارضُه أسبابٌ أخرُ تمنعُ اقتضاءه.

فمِنْ أقواها: التَّوكُّلُ على الله والثقةُ به، فإنه يمنعُ تأثيرَ ذلك السبب المكروه، ولكن لا يقدرُ كلُّ واحدٍ من الأمَّة على هذا، فأرشدَهم إلى مجانبة


(١) تقدم تخريجه (ص: ١٥١١).
(٢) تقدم تخريجه (ص: ١٥١١).
(٣) أخرجه أبو داود (٣٩٢٥)، والترمذي (١٨١٧)، وابن ماجه (٣٥٤٢) من حديث جابر. وصححه ابن حبان (٦١٢٠)، والحاكم (٤/ ١٣٦) ولم يتعقبه الذهبي.
وفي إسناده ضعف، والصوابُ أنه موقوفٌ على عمر أو سلمان، وأنكر رفعه البخاري والترمذي والعقيلي وابن عدي.
انظر: «علل الترمذي الكبير» (٣٠٣)، و «الجامع»، و «الضعفاء» (٤/ ٢٤٢)، و «الكامل» (٦/ ٤٠٩).