للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجنة: أمخلوقة؟ فقال: السُّكوت عن هذا أفضل».

قالوا: فلو كان عند ابن نافعٍ أنَّ الجنةَ التي أُسْكِنها آدمُ هي جنةُ الخُلد لم يشكَّ أنها مخلوقة، ولم يتوقَّف في ذلك.

وقال ابن قتيبة في كتابه «غريب القرآن» (١) في قوله تعالى: {قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا}: «قال ابنُ عباس رضي الله عنهما في رواية أبي صالح: هو كما يقال: هَبَط فلان أرضَ كذا وكذا». ولم يذكر في كتابه غيرَه.

فأين إجماعُ سلف الأمة وأئمَّتها؟!

قالوا: وأما احتجاجُكم بقوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ} عقب قوله: {اهْبِطُوا}؛ فهذا لا يدلُّ على أنهم كانوا في جنة الخُلد؛ فإنَّ أحدَ الأقوال في المسألة أنها كانت جنةً في السماء غيرَ جنة الخُلد، كما حكاه الماورديُّ في «تفسيره»، وقد تقدم.

وأيضًا؛ فإنَّ قوله: {وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ} يدلُّ على أنَّ لهم مستقرًّا إلى حينٍ في الأرض المنقطعة عن الجنة ولا بد؛ فإنَّ الجنةَ أيضًا لها أرض، قال الله تعالى عن أهل الجنة: {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} [الزمر: ٧٤]، فدلَّ على أنَّ قوله: {وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ} أنَّ المراد به الأرض الخالية من تلك


(١) (٤٦).