للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تفرَّغ منها كما هو مشاهدٌ بالعيان.

وسواءٌ كان المعنى: «وخضتم كالحزب الذي خاضوا»، أو: «كالفريق الذي خاضوا»؛ فإنَّ «الذي» يكونُ للواحد والجمع، ونظيرُه قولُه تعالى: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (٣٣) لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ} [الزمر: ٣٣ - ٣٤]، لكن لا يجري على جمع تصحيح، فلا يجيء: «المسلمون الذي جاؤوا»، وإنما يجيءُ غالبًا في اسم الجمع، كالحزب، والفريق، أو حيثُ لا يُذْكَرُ الموصوفُ وإن كان جمعًا، كقول الشاعر (١):

وإنَّ الذي حانت بفَلْجٍ (٢) دماؤهم ... همُ القومُ كلُّ القوم يا أمَّ خالد

أو حيثُ يرادُ الجنسُ دون الواحد والعدد، كقوله تعالى: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ} ثم قال: {أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ}، ونظيره الآية التي نحن فيها، وهي قولُه: {وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا}.

= أو كان المعنى على القول الآخر: «وخضتم خوضًا كالخوض الذي


(١) أشهب بن رميلة، في «الكتاب» (١/ ١٨٧)، و «المقتضب» (٤/ ١٤٦)، و «اللآلي» (١/ ٣٥)، وغيرها.
ويروى في بعض المصادر: «وإن الألى» كما في «البيان والتبين» (٤/ ٥٥)، وفي بعضها: «وإن التي» كما في «الخزانة» (٦/ ٢٩)، وعلى هاتين الروايتين فلا شاهد فيه.
(٢) وادٍ في طريق البصرة إلى مكة. «معجم ما استعجم» (٣/ ١٢٠٧). وهو المسمى اليوم بوادي الباطن، وتقع فيه مدينة «حفر الباطن» شمال شرق المملكة العربية السعودية. «المعجم الجغرافي للمنطقة الشرقية» للجاسر (٣/ ١٣١٥).