للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

موروثٍ (١) ينتقلُ ميراثُه إلى ورثته؛ إذ هم الذين يقومون مقامَه من بعده، ولم يكن بعد الرسل من يقومُ مقامَهم في تبليغ ما أُرسِلوا به إلا العلماء= كانوا أحقَّ الناس بميراثهم.

وفي هذا تنبيهٌ على أنهم أقربُ الناس إليهم؛ فإنَّ الميراثَ إنما يكونُ لأقرب الناس إلى الموروث، وهذا كما أنه ثابتٌ في ميراث الدِّينار والدِّرهم، فكذلك هو في ميراث النبوَّة، والله يختصُّ برحمته من يشاء.

وفيه ــ أيضًا ــ إرشادٌ وأمرٌ للأمَّة بطاعتهم واحترامهم وتعزيرهم وتوقيرهم وإجلالهم؛ فإنهم ورثةُ مَنْ هذه بعضُ حقوقهم على الأمَّة، وخلفاؤهم فيهم.

وفيه تنبيهٌ على أنَّ محبَّتهم من الدِّين، وبغضَهم منافٍ للدِّين، كما هو ثابتٌ لموروثهم (٢). وكذلك معاداتُهم ومحاربتُهم معاداةٌ ومحاربةٌ لله كما هو في موروثهم.

قال عليٌّ رضي الله عنه: «محبةُ العلماء دينٌ يُدانُ اللهُ به» (٣).

وقال - صلى الله عليه وسلم - فيما يرويه عن ربِّه عزَّ وجل: «من عادى لي وليًّا فقد بارزني بالمحاربة» (٤)، وورثةُ الأنبياء ساداتُ أولياء الله عزَّ وجل.


(١) (ت): «مورث». وكلاهما صحيح.
(٢) (ت): «لمورثهم». والوجهان صحيحان كما سبق.
(٣) جزءٌ من وصيَّته لكُمَيْل بن زياد. وسيأتي تخريجها عند سياق المصنف لها (ص: ٣٤٨). ووردت الجملة في بعض المصادر: «محبة العلم ... ».
(٤) أخرجه البخاري (٦٥٠٢) من حديث أبي هريرة.