للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تشبيهُهم هنا بالقمر؟

قيل: أما تشبيهُ العلماء بالنجوم؛ فلأنَّ النجومَ يهتدى بها في ظلمات البرِّ والبحر، وكذلك العلماء.

والنجومُ زينةٌ للسماء، وكذلك العلماءُ زينةٌ للأرض.

وهي رجومٌ للشياطين حائلةٌ بينهم وبين استراق السَّمع؛ لئلا يَلبِسوا (١) بما يَسْتَرِقُونه من (٢) الوحي الوارد إلى الرسل من الله على أيدي ملائكته، وكذلك العلماءُ رجومٌ لشياطين الإنس (٣) الذين يوحي بعضُهم إلى بعضٍ زخرفَ القول غرورًا؛ فالعلماءُ رجومٌ لهذا الصِّنف من الشياطين، ولولاهم لطُمِسَت معالمُ الدِّين بتلبيس المضلِّين، ولكنَّ الله سبحانه أقامهم حُرَّاسًا وحَفَظةً لدينه، ورجومًا لأعدائه وأعداء رسله.

فهذا وجهُ تشبيههم بالنجوم.

وأمَّا تشبيهُهم بالقمر؛ فذلك إنما كان في مقام تفضيلهم على أهل العبادة المجرَّدة، وموازنة ما بينهما من الفضل. والمعنى: أنهم يَفْضُلونَ العُبَّادَ الذين ليسوا بعلماء، كما يَفْضُلُ القمرُ سائرَ الكواكب.

فكلٌّ من التشبيهين لائقٌ بموضعه، والحمدُ لله.

وقولُه: «إنَّ العلماءَ ورثةُ الأنبياء»، هذا من أعظم المناقب لأهل العلم؛ فإنَّ الأنبياءَ خيرُ خلق الله، فورثتُهم خيرُ الخلق بعدهم، ولما كان كلُّ


(١) (ت): «يشتبه».
(٢) «من» ليست في (ح، ن).
(٣) (ق): «الإنس والجن». وهو خطأ وسبق قلم.