للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عنه؛ فإنَّ المدلولَ لازمُه، ووجودُ الملزوم بدون لازمه محال (١).

وفي الترمذي وغيره عنه - صلى الله عليه وسلم -: «خصلتان لا يجتمعان في منافق: حُسْنُ سَمْت، وفقهٌ في الدين» (٢)؛ فجعلَ الفقه في الدين منافيًا للنفاق.

بل لم يكن السَّلفُ يطلقون اسمَ الفقه إلا على العلم الذي يصحبُه العمل؛ كما سئل سعدُ بن إبراهيم عن أفقه أهل المدينة فقال: أتقاهم (٣).

وسأل فرقدُ السَّبَخي الحسنَ البصريَّ عن شيءٍ، فأجابه، فقال: إنَّ الفقهاءَ يخالفونك، فقال الحسن: ثكلتك أمُّك فُرَيْقِد!، وهل رأيتَ بعينيك فقيهًا؟! إنما الفقيهُ الزاهدُ الراغبُ في الآخرة، البصيرُ بدينه، المداومُ على عبادة ربِّه، الذي لا يهمِزُ مَنْ فوقه، ولا يسخرُ ممَّن دونه، ولا يبتغي على علمٍ علَّمه الله تعالى أجرًا (٤).


(١) في طرَّة (ح) في هذا الموضع: «[وقع في] كلامه على الحديث خللٌ أظنُّه من الكاتب؛ [فإنَّ] منطوق الحديث يدل على أن من أراد الله به خيرًا فقَّهه في الدين، ومفهومُه يدل على أن من لم يفقهه في الدين لم يرد الله به خيرًا. ولا يدل الحديث [على] أن كل من فقه في الدين قد أريد به خيرًا. والله أعلم». خطه.
قلت: كلامُ المصنف ظاهر، ولم يزد كاتبُ الحاشية على أن أعاد الاعتراض الذي أجاب عنه المصنف.
(٢) تقدم تخريجه (ص: ٢٠٦).
(٣) أخرجه الدارمي (٢٩٥)، وأبو نعيم في «الحلية» (٣/ ١٦٩)، وغيرهما.
(٤) أخرجه ابن المبارك في «الزهد» (٣٠)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (١٣/ ٣٩٨)، والدارمي (٢٩٤)، وأبو نعيم في «الحلية» (٢/ ١٤٧، ٦/ ١٧٨)، والبيهقي في «المدخل» (٥٠٤)، والآجري في «أخلاق العلماء» (٧٤)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (٢/ ٣٤١)، وغيرهم.
والسائل في بعض هذه المصادر هو عمران القصير، وفي بعضها: مطر الوراق. وأُبهِمَ في الباقي. ولم أقف عليه من طريق فرقد السبخي.