للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال بعضُ السَّلف: «إنَّ الفقيهَ من لم يُقْنِط الناسَ من رحمة الله، ولم يؤمنهم من مكر الله، ولم يَدَع القرآن رغبةً عنه إلى ما سواه» (١).

وقال ابن مسعود رضي الله عنه: «كفى بخشية الله علمًا، وبالاغترار بالله جهلًا» (٢).

قالوا: فهذا القرآنُ والسنَّة وإطلاقُ السلف من الصحابة والتابعين يدلُّ على أنَّ العلمَ والمعرفةَ مستلزمٌ للهداية، وأنَّ عدمَ الهداية دليلٌ على الجهل وعدم العلم.

قالوا: ويدلُّ عليه أنَّ الإنسانَ ما دام عقلُه معه لا يُؤْثِرُ هلاكَ نفسه على نجاتها، وعذابها العظيمَ الدائمَ على نعيمها المقيم، والحسُّ شاهدٌ بذلك.

ولهذا وصف اللهُ سبحانه أهل معصيته بالجهل في قوله تعالى: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} [النساء: ١٧].


(١) أخرجه الدارمي (٢٩٧) عن علي رضي الله عنه موقوفًا بإسنادٍ ضعيف.
وأخرجه ابن عبد البر في «الجامع» (٢/ ٨١١) عنه مرفوعًا بإسنادٍ ضعيف، ثم قال: «لا يأتي هذا الحديث مرفوعًا إلا من هذا الوجه، وأكثرهم يوقفونه على علي رضي الله عنه». وانظر: «السلسلة الضعيفة» (٧٣٤).
وللحديث طريقان آخران عند أبي نعيم في «الحلية» (١/ ٧٧)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (٢/ ٣٣٨)، وغيرهما.
(٢) تقدم تخريجه (ص: ١٣٨).