للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال سفيانُ الثوري: «كلُّ من عمل ذنبًا من خلق الله فهو جاهل، سواءٌ كان جاهلًا أو عالمًا؛ إن كان عالمًا فمَنْ أجهلُ منه؟! وإن كان لا يعلم فمثلُ ذلك» (١).

وقولُه: {ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ} قال: قبل الموت (٢).

وقال ابن عباس رضي الله عنهما: «ذنبُ المؤمن جهلٌ منه» (٣).

قال قتادة: «أجمع أصحابُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنَّ كلَّ شيءٍ عُصِيَ اللهُ به فهو جهالةٌ» (٤).

وقال السُّدِّي: «كلُّ من عصى اللهَ فهو جاهل» (٥).

قالوا: ويدلُّ على صحة هذا أنَّ مع كمال العلم لا تصدرُ المعصيةُ من العبد؛ فإنه لو رأى صبيًّا يتطلَّعُ عليه من كُوَّةٍ لم تتحرَّك جوارحُه لمواقعة الفاحشة، فكيف تقعُ منه حالَ كمال علمه بنظر الله إليه، ورؤيته له، وعقابه على الذنب، وتحريمه له، وسوء عاقبته؟! فلا بد من غفلة القلب عن هذا العلم، وغيبته عنه، فحينئذٍ يكونُ وقوعُه في المعصية صادرًا عن جهلٍ وغفلةٍ ونسيانٍ مضادٍّ للعلم.


(١) ورد مختصرًا عن مجاهد، وعطاء، وابن زيد. انظر: تفسير القرآن من «الجامع» لابن وهب (١/ ١٨)، و «تفسير الطبري» (٨/ ٨٩، ٩٠).
(٢) كذا ورد القول في الأصل دون نسبة. وهو قول جمهور المفسرين. انظر: «الدر المنثور» (٢/ ٤٥٩)، و «مدارج السالكين» (١/ ٢٨٤)، و «شفاء العليل» (٤٩١).
(٣) أخرجه بنحوه الطبري (٨/ ٩٠).
(٤) أخرجه عبد الرزاق (١/ ١٥١)، ومن طريقه الطبري (٨/ ٨٩).
(٥) أخرجه الطبري (٨/ ٨٩).