للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد روي في هذا المعنى حديثٌ مرفوع (١).

فهو دائمًا يترقَّبُ غفلةَ العبد، فيبذُر في قلبه بذرَ الأماني والشهوات والخيالات الباطلة، فيثمرُ كلَّ حنظلةٍ وكلَّ شوكٍ وكلَّ بلاء، ولا يزالُ يمدُّه بسَقْيِه حتى يغطِّي القلبَ ويُعْمِيه.

* وأمَّا الكسل، فيتولَّد عنه الإضاعةُ والتفريطُ والحرمانُ وأشدُّ الندامة وهو منافٍ للإرادة والعزيمة التي هي ثمرةُ العلم؛ فإنَّ من علمَ أنَّ كمالَه ونعيمَه في شيءٍ طلبه بجهده وعزم عليه بقلبه كلِّه، فإنَّ كلَّ أحدٍ يسعى في تكميل نفسه ولذَّته، ولكنَّ أكثرهم أخطأ الطَّريق لعدم علمه بما ينبغي أن يطلبه.

فالإرادةُ مسبوقةٌ بالعلم والتصوُّر، فتخلُّفها في الغالب إنما يكونُ لتخلُّف العلم والإدراك، وإلا فمع العلم التامِّ بأنَّ سعادة العبد في هذا المَطْلب ونجاتَه وفوزَه كيف يلحقُه كسلٌ في النهوض إليه؟!

ولهذا استعاذ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - من الكسل؛ ففي «الصحيح» (٢) عنه أنه كان يقول: «اللهم إني أعوذُ بك من الهمِّ والحَزَن، والعجز والكسل، والجُبْن والبخل، وضِلَع الدَّين وغلبة الرجال».


(١) أخرجه أبو يعلى (٤٣٠١)، وأبو نعيم في «الحلية» (٦/ ٢٦٨)، وابن عدي في «الكامل» (٣/ ١٨٦)، والبيهقي في «الشعب» (٢/ ٤٣٥)، وغيرهم من حديث أنسٍ بإسنادٍ ضعيف.
وضعفه ابن حجر في «الفتح» (٨/ ٧٤٢).
وانظر: «مجمع الزوائد» (٧/ ١٤٩)، و «إتحاف الخيرة» (٦/ ٣١٥، ٣٨٤).
(٢) «البخاري» (٢٨٩٣)، واللفظ له، و «مسلم» (٢٧٠٦) من حديث أنس.