للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فاستعاذ من ثمانية أشياء (١)، كلُّ شيئين منها قرينان:

* فالهمُّ والحزنُ قرينان.

والفرقُ بينهما: أنَّ المكروه الوارد على القلب إمَّا أن يكون على ما مضى أو لما يُسْتَقْبَل؛ فالأول هو الحزن، والثاني الهمُّ.

وإن شئتَ قلتَ: الحزنُ على المكروه الذي فات ولا يُتَوقَّعُ دفعُه، والهمُّ على المكروه المنتَظَر الذي يُتَوقَّعُ دفعُه. فتأمَّلْه.

* والعجزُ والكسلُ قرينان.

فإنَّ تخلُّف مصلحة العبد وكماله ولذَّته وسروره عنه، إمَّا أن يكون مصدرُه عدمَ القدرة، فهو العجز، أو يكون قادرًا عليه لكن تخلَّف لعدم إرادته، فهو الكسل، وصاحبُه يلامُ عليه ما لا يلامُ على العجز.

وقد يكونُ العجزُ ثمرةَ الكسل، فيلامُ عليه أيضًا؛ فكثيرًا ما يكسلُ المرءُ عن الشيء الذي هو قادرٌ عليه، وتَضْعُفُ عنه إرادتُه؛ فيفضي به إلى العجز عنه. وهذا هو العجزُ الذي يلومُ اللهُ عليه في قول النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ الله يلومُ على العجز» (٢)، وإلا فالعجزُ الذي لم تُخْلَق له قدرةٌ على دفعه ولا يدخلُ


(١) انظر: «طريق الهجرتين» (٦٠٦)، و «بدائع الفوائد» (٧١٤)، و «زاد المعاد» (٢/ ٣٥٨)، و «روضة المحبين» (٦١).
(٢) أخرجه أحمد (٦/ ٢٤)، وأبو داود (٣٦٢٧)، والنسائي في «عمل اليوم والليلة» (٦٢٦)، وغيرهم من حديث سيف الشامي عن عوف بن مالكٍ رضي الله عنه.
قال النسائي: «سيفٌ لا أعرفه». وعرفه العجليُّ، فقال في «الثقات» (١/ ٦٤٤): «شاميٌّ تابعيٌّ ثقة». وذكره ابنُ حبان في «الثقات» (٤/ ٣٣٩)، وابنُ خلَفون في «الثقات»، كما في «إكمال تهذيب الكمال» (٦/ ١٩٨).