المال الحريصِ عليه، وتنقُّصِه والإزراء به، ومطبقون على تعظيم الشَّرِه في جمع العلم وتحصيله، ومدحِه ومحبَّته ورؤيته بعين الكمال.
الثاني والعشرون: أنهم مطبقون على تعظيم الزاهد في المال، المُعْرِض عن جمعه، الذي لا يَلْتَفِتُ إليه ولا يجعلُ قلبَه عبدًا له، ومطبقون على ذمِّ الزاهد في العلم، الذي لا يلتفتُ إليه ولا يحرصُ عليه.
الثالث والعشرون: أنَّ المال إنما يُمْدَحُ صاحبُه بتخلِّيه منه وإخراجه، والعلمُ إنما يُمْدَحُ بتحلِّيه به واتِّصافه به.
الرابع والعشرون: أنَّ غِنى المال مقرونٌ بالخوف والحزن، فهو حزينٌ قبل حصوله، خائفٌ بعد حصوله، وكلَّما كان أكثر كان الخوفُ أقوى، وغِنى العلم مقرونٌ بالأمن والفرح والسرور.
الخامس والعشرون: أنَّ الغنيَّ بماله لا بدَّ أن يفارقَه غِناه، فيتعذَّبَ ويتألم بمفارقته، والغِنى بالعلم لا يزول، فلا يتعذَّبُ صاحبُه ولا يتألم؛ فلذَّةُ الغِنى بالمال لذَّةٌ زائلةٌ منقطعةٌ يَعْقُبُها الألم، ولذَّةُ الغِنى بالعلم لذَّةٌ باقيةٌ مستمرةٌ لا يلحقها ألم.
السادس والعشرون: أنَّ استلذاذ (١) النفس وكمالَها بالغِنى استكمالٌ بعاريَّةٍ مؤدَّاة، فتجمُّلها بالمال تجمُّلٌ بثوبٍ مستعارٍ لا بدَّ أن يرجع إلى مالكه يومًا ما، وأما تجمُّلها بالعلم وكمالُها به فتجمُّلٌ بصفةٍ ثابتةٍ لها راسخةٍ فيها لا تفارقُها.
السابع والعشرون: أنَّ الغِنى بالمال هو عينُ فقر النفس، والغِنى بالعلم