للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

* وقولُه: «بهم يدفعُ اللهُ عن حججه، حتى يؤدُّوها إلى نظرائهم ويزرعوها في قلوب أشباههم»؛ وهذا لأنَّ الله سبحانه ضَمِنَ حفظَ حججه وبيِّناته، وأخبر رسولُه - صلى الله عليه وسلم - أنه لا تزالُ طائفةٌ من أمَّته على الحقِّ، لا يضرُّهم من خذلهم ولا من خالفهم إلى قيام الساعة (١).

فلا يزالُ غَرْسُ الله الذين غرَسهم في دينه يَغْرِسونَ العلمَ في قلوب من أهَّلَهم اللهُ لذلك وارتضاهم؛ فيكونوا (٢) ورثةً لهم كما كانوا هم ورثةً لمن قبلهم، فلا تنقطعُ حججُ الله والقائمُ بها (٣) من الأرض.

وفي الأثر (٤) المشهور: «لا يزالُ اللهُ يَغْرِسُ في هذا الدِّين غَرْسًا يستعملُهم بطاعته» (٥).

وكان من دعاء بعض من تقدَّم: «اللهمَّ اجعلني من غَرْسِك الذين تستعملُهم بطاعتك».

ولهذا ما أقامَ اللهُ لهذا الدِّين من يحفظُه ثم قبضه إليه إلا وقد زرع ما عَلِمَه من العلم والحكمة؛ إمَّا في قلوب أمثاله، وإمَّا في كتبٍ ينتفعُ بها الناسُ بعده.

وبهذا وغيره فَضَلَ العلماءُ العُبَّادَ؛ فإنَّ العالِم إذا زرع علمَه عند غيره ثمَّ مات جرى عليه أجرُه، وبقي له ذِكرُه، وهو عمرٌ ثانٍ وحياةٌ أخرى، وذلك


(١) حديث متواتر، تقدم الكلام عليه (ص: ٤٠٣).
(٢) كذا في الأصول، بلا ناصب أو جازم.
(٣) (ت، ق): «والقيام بها». (د): «القائم»، وفي طرتها: «لعله: القيام».
(٤) (ت): «الخبر».
(٥) تقدم تخريجه (ص: ٤٠٤).