للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طاهرًا أُذِنَ لها بالسجود وإن لم يكن طاهرًا لم يؤذن لها بالسجود» (١).

فهذه ــ والله أعلم ــ هي العلةُ التي أُمِرَ الجنبُ لأجلها أن يتوضَّأ إذا أراد النوم (٢).

وهذا الصُّعودُ إنما كان لتجرُّد الروح عن البدن بالنوم، فإذا تجرَّدت بسببٍ آخر حصل لها من الترقِّي والصُّعود بحسب ذلك التجرُّد.

وقد يقوى الحبُّ بالمحبِّ حتى لا يُشاهَد منه بين الناس إلا جسمُه، وروحُه في موضعٍ آخر عند محبوبه، وفي هذا من أشعار الناس وحكاياتهم


(١) أخرجه ابن المبارك في «الزهد» (١٢٤٥) ــ ومن طريقه ابن قتيبة في «غريب الحديث» (١/ ١١)، و «تعبير الرؤيا» (٢٧) ــ، والحكيم الترمذي في «نوادر الأصول» (ق: ٢٧٤/أ) بإسنادٍ ضعيف.
(٢) الأثر في المصادر السابقة بلفظ: « ... وإن كان جُنبًا لم يؤذن لها بالسجود»، والوضوءُ لا ينفي عن الجُنب اسمَ الجنابة، ولذا كان ابنُ قتيبة أسعدَ بهذا الأثر من المصنف، إذ قال: «لا أرى الطهارةَ التي نختار للنائم أن يبيت عليها إلا الاغتسال من الجنابة»، ثم استدلَّ بالأثر، ثم قال: «فجعَلَ طهارةَ النائم في نومه أن يكون على غير جنابة. وأكثرُ الناس على أنه التوضؤ للصلاة. والنومُ ناقضٌ للوضوء وليس بناقضٍ للغسل».
وهذا الاختيار من ابن قتيبة على سبيل الأفضليَّة، وقد صرَّح في «تأويل مختلف الحديث» (٣٠٦) بعدم وجوب الغسل.
والغرض هنا الإشارةُ إلى مجانبة الأثر بهذا اللفظ لما استنبطه المصنفُ منه.
وقد ورد باللفظ الذي ذكره المصنفُ أثرٌ آخر عن عبد الله بن عمرو بن العاص، وكان ممَّن يأخذُ عن أهل الكتاب.
أخرجه البخاري في «التاريخ الكبير» (٦/ ٢٩٢)، والحكيم الترمذي في «نوادر الأصول» (ق: ٢٧٤/أ)، والبيهقي في «الشعب» (٦/ ٧٥، ٩/ ١٣) بإسنادين يقوِّي أحدُهما الآخر.