للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صحَّة إيمان المقلِّد.

وكلُّ هذا هَوَسٌ وخَبْط، فلا فرضَ إلا ما فرضه (١) اللهُ ورسولُه.

فيا سبحان الله! هل فرضَ اللهُ على كلِّ مسلم أن يكون طبيبًا حجَّامًا حاسبًا مهندسًا، أو حائكًا أو فلَّاحًا (٢) أو نجَّارًا أو خيَّاطًا؟! فإنَّ فرضَ الكفاية كفرض العين في تعلُّقه بعموم المكلَّفين، وإنما يخالفُه في سقوطه بفعل البعض (٣).

ثمَّ على قول هذا القائل يكونُ اللهُ قد فرض على كلِّ أحد جملةَ هذه الصَّنائع والعلوم؛ فإنه ليس واحدٌ منها فرضًا على معيَّنٍ والآخرُ على مُعيَّنٍ آخر، بل عمومُ فرضيَّتها مشتركةٌ بين العموم، فيجبُ على كلِّ أحدٍ أن يكون حاسبًا حائكًا (٤) خيَّاطًا نجَّارًا فلَّاحًا طبيبًا مهندسًا!

فإن قال: «المجموعُ فرضٌ على المجموع» لم يكن قولك: «إنَّ كلَّ واحدٍ منها فرض كفاية» صحيحًا؛ لأنَّ فرضَ الكفاية يجبُ على العموم.

وأمَّا المنطق، فلو كان علمًا صحيحًا كان غايتُه أن يكون كالمِسَاحة والهندسة ونحوها، فكيف وباطلُه أضعافُ حقِّه، وفسادُه وتناقضُ أصوله واختلافُ مبانيه توجبُ مراعاتُها للذِّهن أن يزيغَ في فكره؟!


(١) (ت): «افترضه». (ح): «فرض».
(٢) (ت): «فلاحا أو حدادا».
(٣) على أحد القولين في تعلُّق فرض الكفاية بعموم المكلَّفين أو ببعضهم، وهو خلافٌ مشهور، وما اختاره المصنفُ هو رأيُ الجمهور. انظر: «زاد المعاد» (١/ ٣٩٨)، و «الصلاة وحكم تاركها» (٤٥)، و «المحصول» (٢/ ١٨٦)، و «البحر المحيط» (١/ ٢٤٣).
(٤) في الأصول: «أو حائكًا». ولا يستقيم المعنى بإثبات «أو» هنا.