للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لكمال النعمة على الحُر.

ومما يدلُّ على هذا الحديثُ المشهورُ الذي ثبَّته أبو نعيمٍ وغيرُه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «أشدُّ الناس عذابًا يوم القيامة عالِمٌ لم ينفعه الله بعلمه» (١).

وقال بعضُ السَّلف: «يُغفَرُ للجاهل سبعون ذنبًا قبل أن يُغفَرَ للعالِم ذنب» (٢).

وقال بعضُهم أيضًا: «إنَّ الله يعافي الجهَّال ما لا يعافي العلماء» (٣).

فالجواب: أنَّ هذا الذي ذكرتموه حقٌّ لا ريب فيه، ولكنَّ من قواعد الشرع والحكمة أيضًا أنَّ من كَثُرَت حسناتُه وعَظُمَت، وكان له في الإسلام تأثيرٌ ظاهر، فإنه يُحْتَمَلُ له ما لا يُحْتَمَلُ لغيره، ويُعفى عنه ما لا يُعفى عن غيره؛ فإنَّ المعصية خَبَث، والماءُ إذا بلغ قلَّتين لم يحمل الخَبَث (٤)، بخلاف الماء القليل فإنه يَحْمِلُ أدنى خَبَثٍ يقعُ فيه.


(١) تقدم تخريجه وبيانُ ضعفه (ص: ٣١٩).
(٢) أخرجه أبو نعيم في «الحلية» (٨/ ١٠٠)، والبيهقي في «المدخل» (٥٦٣) عن الفضيل بن عياض.
(٣) أخرجه الرامهرمزي في «المحدث الفاصل» (٦٠٥)، والخطيب في «اقتضاء العلم العمل» (٨٠)، وأبو نعيم في «الحلية» (٩/ ٢٢٢)، والبيهقي في «المدخل» (٥٦٥)، والضياء في «المختارة» (١٦٠٩)، وغيرهم من حديث أنس بن مالك مرفوعًا.

قال عبد الله بن أحمد - في رواية أبي نعيم والبيهقي والضياء -: «قال أبي: هو حديثٌ منكر. ما حدَّثني به إلا مَرَّة».
(٤) كما في الحديث المشهور الذي أخرجه أصحاب السنن، وفي سنده خلافٌ كثير، والأشبهُ صحته مرفوعًا، وعليه جمهور المحدثين. انظر: «البدر المنير» (١/ ٤٠٤)، و «الإحسان» للحويني (٢/ ١٣). وللعلائي جزءٌ في تصحيحه والكلام عليه.