فَسَوَّاهَا} [النازعات: ٢٧ ــ ٢٨]، وقال تعالى:{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ} إلى قوله: {لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}[البقرة: ١٦٤]؛ فبدأ بذكر خلقِ السَّموات، وقال تعالى:{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ}[آل عمران: ١٩٠]. وهذا كثيرٌ في القرآن.
فالأرضُ والبحارُ والهواءُ وكلُّ ما تحت السَّموات ــ بالإضافة إلى السَّموات ــ كقطرةٍ في بَحْر، ولهذا قَلَّ أن تجيء سورةٌ في القرآن إلا وفيها ذِكرُها؛ إما إخبارًا عن عظمتها وسَعَتها، وإما إقسامًا بها، وإما دعاءً إلى النظر فيها، وإما إرشادًا للعباد أن يستدلُّوا بها على عظمة بانيها (١) ورافعها، وإما استدلالًا منه سبحانه بخَلْقها على ما أخبر به من المعاد والقيامة، وإما استدلالًا منه بربوبيَّته لها على وحدانيَّته وأنه الله الذي لا إله إلا هو، وإما استدلالًا منه بحُسْنها واستوائها والتئام أجزائها وعدم الفُطور فيها على تمام حكمته وقدرته.
وكذلك ما فيها من الكواكب والشمس والقمر والعجائب التي تتقاصرُ عقولُ البشر عن قليلها، فكم مِن قسَمٍ في القرآن بها؛ كقوله:{وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ}[البروج: ١]، {وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ}[الطارق: ١]، {وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا}[الشمس: ٥]، {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ}[الطارق: ١١]، {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا}[الشمس: ١]، {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى}[النجم: ١]، {النَّجْمُ الثَّاقِبُ}[الطارق: ٣]، {فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ}[التكوير: ١٥]،