للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهي الكواكبُ التي تكونُ خُنَّسًا عند طلوعها، جوارٍ في مجراها ومسيرها، كُنَّسًا عند غروبها؛ فأقسمَ بها في أحوالها الثَّلاثة (١).

ولم يُقْسِم في كتابه بشيءٍ من مخلوقاته أكثر من السَّماء والنُّجوم والشمس والقمر، وهو سبحانه يقسمُ بما يقسمُ به من مخلوقاته لتضمُّنه الآياتِ والعجائبَ الدالَّة عليه (٢)، وكلما كان أعظم آيةً وأبلغَ في الدَّلالة كان إقسامُه به أكثرَ من غيره.

ولهذا يعظِّمُ سبحانه هذا القَسَم؛ كقوله: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (٧٥) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ} [الواقعة: ٧٥ ــ ٧٦]، وأظهرُ القولين أنه قَسَمٌ بمواقع هذه النُّجوم التي في السَّماء (٣)؛ فإنَّ اسمَ النُّجوم عند الإطلاق إنما ينصرفُ إليها.

وأيضًا؛ فإنه لم تَجْرِ عادتُه سبحانه باستعمال النُّجوم في آيات القرآن، ولا في موضعٍ واحدٍ من كتابه، حتى تُحْمَل عليه هذه الآية، وجَرَت عادتُه سبحانه باستعمال النُّجوم في الكواكب في جميع القرآن.

وأيضًا؛ فإنَّ نظيرَ الإقسام بمواقعها هنا إقسامُه بِهُوِيِّ النَّجم في قوله: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى}.

وأيضًا؛ فإنَّ هذا قولُ جمهور أهل التفسير.


(١) انظر: «أيمان القرآن» (١٨٤، ٣٢٢).
(٢) انظر: «أيمان القرآن» (٥، ٨٧، ١٨٨، ٤٢٩).
(٣) انظر: ما سيأتي (ص: ١٣٦٧) والتعليق عليه.