للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لضرره وعُدوانه (١) وشرِّه، والمُغتَذِي شبيهٌ بالغاذِي (٢)، فلو اغتَذى بها الإنسانُ لصار فيه من أخلاقها وعُدوانها وشرِّها ما يشابهها به، فحرَّم على الأمَّة أكلَها.

ولم يحرِّم عليهم الضَّبُعَ وإن كان ذا ناب؛ فإنه ليس من السِّباع عند أحدٍ من الأمم، والتحريمُ إنما كان لِمَا تضمَّن الوصفين: أن يكون ذا نابٍ، وأن يكون من السِّباع (٣).

ولا يقال: «فهذا ينتقضُ بالسَّبُع إذا لم يكن له ناب»؛ لأنَّ هذا لم يوجد أبدًا.

فصلواتُ الله وسلامُه على من أُوتي جوامعَ الكَلِم، فأوضحَ الأحكامَ وبيَّن الحلال من الحرام.

فانظُر حكمةَ الله عزَّ وجلَّ في خلقِه وأمرِه فيما خَلَقه وفيما شرَعَه تجدْ مصدرَ ذلك كلِّه الحكمةَ البالغةَ التي لا يختلُّ نظامُها ولا ينخرمُ (٤) ولا يختلُّ أبدًا.

ومن الناس من يكونُ حظُّه من مشاهدة حكمة الأمر أعظمَ من مشاهدة حكمة الخلق، وهؤلاء خواصُّ العباد الذين عَقَلُوا عن الله أمرَه ودينَه، وعرفوا


(١) (ت): «وعداوته».
(٢) (د، ق، ت): «والمعتدي شبه بالعادي». وسيرد على الصواب (ص: ٩٠٩). وانظر: «زاد المعاد» (٥/ ٧٤٦)، و «إعلام الموقعين» (٢/ ١٥)، و «أيمان القرآن» (٥٦٥)، و «مدارج السالكين» (١/ ٤٠٣).
(٣) انظر: «إعلام الموقعين» (٢/ ١٣٤).
(٤) (ق، ت): «لا يخل نظامها». والفعل مهمل في (د).