ألا ترى إلى قوله: {أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ (٢١) لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (٢٢) لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء: ٢١ - ٢٣]، كيف ساق الآية في الإنكار على من اتخذ من دونه آلهةً لا تساويه، فسوَّاها به مع أعظم الفَرق؟!
فقوله:{لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ} إثباتٌ لحقيقة الإلهيَّة، وإفرادٌ له بالرُّبوبيَّة والإلهيَّة، وقولُه:{وَهُمْ يُسْأَلُونَ} نفيٌ لصلاح تلك الآلهة المتَّخَذة للإلهيَّة؛ فإنها مسؤولةٌ مربوبةٌ مدبَّرة، فكيف يسوَّى بينها وبينه مع أعظم الفرقان؟!
فهذا الذي سِيقَ له الكلام، فجعلها الجبريَّةُ مَعْقِلًا وملجأً في إنكار حكمته وتعليل أفعاله بغاياتها المحمودة وعواقبها السَّديدة (١). والله الموفِّق للصَّواب.
* وقالت طائفة: الحكمةُ في ابتلائهم تعويضُهم في الآخرة بالثَّواب التَّامِّ.
فقيل لهم: قد كان يمكنُ إيصالُ الثَّواب إليهم بدون هذا الإيلام.
فأجابوا بأنَّ توسُّط الإيلام في حقِّهم كتوسُّط التكاليف في حقِّ المكلَّفين.