للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحكى بعض العارفين (١) أنه قال: طفتُ في ليلةٍ مطيرةٍ شديدة الظُّلمة وقد خلا الطَّوافُ وطابت نفسي، فوقفتُ عند الملتَزم ودعوتُ، فقلت: «اللهمَّ اعصمني حتى لا أعصيك»، فهَتَف به هاتفٌ: أنت تسألني العصمة، وكلُّ عبادي يسألوني العصمة، فإذا عصمتُهم فعلى من أتفضَّل؟ ولمن أغفر؟ قال: فبقيتُ ليلتي إلى الصَّباح أستغفرُ الله حياءً منه (٢).

هذا ولو شاء الله عزَّ وجلَّ أن لا يعصى في الأرض طرفةَ عَيْنٍ لم يُعْصَ، ولكن اقتضت مشيئتُه (٣) ما هو مُوجَبُ حكمته سبحانه، فمن أجهلُ بالله ممَّن يقول: إنه يعصى قسرًا (٤) بغير اختياره ومشيئته؟! سبحانه وتعالى (٥) عمَّا يقولون علوًّا كبيرًا.

فصل

ومنها: أنه سبحانه له الأسماءُ الحسنى، ولكلِّ اسمٍ من أسمائه أثرٌ من الآثار في الخلق والأمر لا بدَّ من ترتيبه عليه (٦)، كترتُّب المرزوق والرِّزق على


(١) هو إبراهيم بن أدهم، في «قوت القلوب» (٢/ ١٠٢)، و «الإحياء» (٤/ ١٥٢)، و «العاقبة» لعبد الحق (٣٢٠). وانظر: «مدارج السالكين» (١/ ٣٠١)، و «شفاء العليل» (٦١٧).
(٢) في رواية ابن ماجه (٧٥٧) لحديث أبي هريرة مرفوعًا في دعاء الخروج من المسجد: «اللهم اعصمني من الشيطان الرجيم». وروي بلفظ: «اللهم باعدني من الشيطان»، «اللهم أجِرني من الشيطان الرجيم». ولا يصحُّ رفعه، إنما هو عن كعب الأحبار. انظر: «نتائج الأفكار» (١/ ٢٨٠).
(٣) (ت): «حكمته ومشيئته».
(٤) (ت): «قهرا».
(٥) (ت): «سبحانه وتعالى له الأسماء الحسنى».
(٦) (ح، ن): «ترتبه عليه».