للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا تنسَ حال الذي قبضت الملائكةُ روحَه، فقيل له: هل عملتَ خيرًا؟ هل عملتَ حسنةً؟ قال: ما أعلمُه. قيل: تذكَّرْ. قال: كنتُ أبايعُ النَّاسَ فكنتُ أُنظِرُ المُوسِرَ وأتجاوزُ عن المُعْسِر. أو قال: كنتُ آمر فتياني أن يتجاوزوا في السِّكَّة (١). فقال الله: نحن أحقُّ بذلك منك. وتجاوَز عنه (٢).

فالله عزَّ وجلَّ يعامِلُ العبدَ في ذنوبه بمثل ما يعامِلُ به العبدُ النَّاسَ في ذنوبهم.

فإذا عرف العبدُ ذلك كان في ابتلائه بالذُّنوب (٣) من الحِكَم والفوائد ما هو مِنْ أنفع الأشياء له (٤).

فصل

ومنها: أنه إذا عَرَف فأحسَن إلى من أساء إليه، ولم يقابلهُ بإساءته إساءةً مثلها (٥) تعرَّض بذلك لمثلها من ربِّه تعالى، وأنه سبحانه يقابلُ إساءته وذنوبه بإحسانه (٦)، كما كان هو يقابلُ بذلك إساءة الخلق إليه، والله أوسعُ فضلًا وأكرمُ وأجزلُ عطاءً.

فمن أحبَّ أن يقابل الله إساءته بالإحسان فليقابل هو إساءة النَّاس إليه


(١) وهي الدَّنانير والدراهم المضروبة. «النهاية» (سكك). وفي رواية مسلم: «في السِّكَّة أو في النقد».
(٢) أخرجه البخاري (٢٠٧٧) ومسلم (١٥٦٠) من حديث حذيفة.
(٣) (ح، ن): «كان ابتلاؤه بالذنوب».
(٤) (ح، ن): «ما هو أنفع الأشياء له».
(٥) (ن): «ولم يقابله بإساءته مثلها».
(٦) (ح، ت، ن): «وذنوبه وإحسانه».