للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

استخرج منك داء العُجْب، وأُلبِستَ رداء العبوديَّة (١).

يا آدم! لا تجزع من قولي لك: اخرج منها، فلك خلقتُها، ولكن انزل إلى دار المجاهدة، وابذُر بَذْر العبوديَّة، فإذا كمُل الزَّرعُ واستحصد فتعال فاستَوفِه» (٢).

لا يُوحِشَنَّكَ ذاكَ العَتْبُ إنَّ له ... لُطفًا يُرِيكَ الرِّضا في حالةِ الغضب

فبينما هو لابسٌ ثوب الإدلال الذي لا يليقُ بمثله، تداركه ربُّه برحمته فنزعه عنه، وألبسَه ثوبَ الذُّلِّ الذي لا يليقُ بالعبد غيرُه.

فما لبس العبدُ ثوبًا أكمل عليه ولا أحسن ولا أبهى من ثوب العبوديَّة، وهو ثوبُ المذلَّة الذي لا عزَّ له بغيره.

فصل

ومنها: أنَّ لله عزَّ وجلَّ على القلوب أنواعًا من العبوديَّة؛ من الخشية والخوف والإشفاق وتوابعها؛ ومن المحبة (٣) والإنابة وابتغاء الوسيلة إليه وتوابعها.

وهذه العبوديَّاتُ لها أسبابٌ تهيِّجُها وتبعثُ عليها، فكلُّ ما قيَّضه الربُّ تعالى لعبده من الأسباب الباعثة على ذلك المهيِّجة له فهو من أسباب رحمته له، ورُبَّ ذنبٍ قد هاجَ لصاحبه من الخوف والإشفاق والوَجَل


(١) «المدهش»: «وألبسك رداء النسك».
(٢) انظر ما تقدم (ص: ٢٦). والمدهش (١٦٢، ٧٠١).
(٣) (ق): «من المحبة».