للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ترجمانُ القرآن ابنُ عبَّاس (١)؛ فالبيتُ الحرامُ قِيامُ العالَم، فلا يزالُ قِيامًا ما دام هذا البيتُ محجوجًا.

فالحجُّ خاصَّةُ الحنيفية وتقويته (٢) والصَّلاة سرُّ قول العبد: لا إله إلا الله؛ فإنه مؤسَّسٌ على التَّوحيد المحض والمحبة الخالصة، وهو استزارةُ المحبوب لأحبابه، ودعوتُهم إلى بيته ومحلِّ كرامته، ولهذا إذا دخلوا في هذه العبادة فشعارُهم: لبَّيك اللهمَّ لبَّيك، إجابةَ محبٍّ لدعوة حبيبه، ولهذا كان للتَّلبية موقعٌ عند الله، وكلَّما أكثر العبدُ منها كان أحبَّ إلى ربِّه وأحظى، فهو لا يملكُ نفسَه أن يقول: لبَّيك اللهمَّ لبَّيك (٣)، حتى ينقطع نفَسُه.

وأمَّا أسرارُ ما في هذه العبادة من الإحرام، واجتناب العوائد، وكشف الرأس، ونزع الثِّياب المعتادة، والطَّواف، والوقوف بعرفة، ورمي الجمار، وسائر شعائر الحجِّ= فمما شَهِدت بحُسْنه العقولُ السَّليمة والفطرُ المستقيمة، وعَلِمَت بأنَّ الذي شرع هذا لا حكمة فوق حكمته. وسنعودُ إن شاء الله إلى الكلام في ذلك في موضعه (٤).


(١) ذكره الإمام أحمد في «المناسك»، كما في «منهاج السنة» (٤/ ٥٨٤).
وأخرج عبد الرزاق (٥/ ١٣)، والفاكهي في «أخبار مكة» (٨١١) عن ابن عباس قال: «لو ترك الناسُ زيارة هذا البيت عامًا واحدًا ما مُطِروا». هذا لفظ عبد الرزاق. ولفظ الفاكهي: «ما نوظروا». وفي إسناده رجلٌ لم يُسَمَّ.
(٢) كذا في (د). (ت): «وتقوية». وهي مهملة في (ق). ولم يتبين لي وجه صواب العبارة. وأصلحت في (ط) إلى: «ومعونة الصلاة، وسر قول العبد ... ».
(٣) (ق): «لبيك لبيك».
(٤) لم أقف على هذا الموضع. وانظر بعض القول في هذه المعاني في: «تهذيب السنن» (٥/ ١٧٨)، و «بدائع الفوائد» (٦٩٤)، و «مدارج السالكين» (٢/ ٤٢٦، ٤٢٧)، و «محاسن الشريعة» للقفال (١٢٧ - ١٥١)، و «إثبات العلل» للحكيم الترمذي (٢٠٠ - ٢٠٥).