للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأيُّ حُسْنٍ يزيدُ على حُسْن هذه العبادة؟! ولهذا ادَّخرها اللهُ لأكمل الأنبياء، وأكمل الأمم عقلًا وتوحيدًا ومحبةً لله.

* وأمَّا الضحايا والهدايا، فقُربانٌ إلى الخالق سبحانه، يقومُ مقامَ الفِدية عن النَّفس المستحقَّة للتَّلف (١)، فِديةً وعِوَضًا وقُربانًا إلى الله، وتشبُّهًا بإمام الحنفاء، وإحياءً لسنَّته إذ فَدَى اللهُ ولدَه بالقُربان؛ فجَعَل ذلك في ذُرِّيته باقيًا أبدًا.

* وأمَّا الأيمانُ والنُّذور، فعقودٌ يَعْقِدُها العبدُ على نفسه، يؤكِّدُ بها ما ألزمه نفسَه من الأمور بالله ولله، فهي تعظيمٌ للخالق ولأسمائه ولحقِّه، وأن تكون العقودُ به وله، وهذا غايةُ التَّعظيم، فلا يُعْقَدُ بغير اسمه، ولا لغير القُرْب (٢) إليه، بل إن حَلَف فبِاسْمِه تعظيمًا (٣) وتوحيدًا وإجلالًا، وإن نَذَر فله توحيدًا وطاعةً ومحبةً وعبودية، فيكونُ هو المعبودُ وحده والمستعانُ به وحده.

* وأمَّا المطاعمُ والمشاربُ والملابسُ والمناكح، فهي داخلةٌ فيما يُقِيمُ الأبدانَ ويحفظُها من الفساد والهلاك، وفيما يعودُ ببقاء النَّوع الإنساني؛ ليتمَّ بذلك قِوامُ الأجساد وحِفظ النَّوع، فيتحمَّل الأمانةَ التي عُرِضت على السَّموات والأرض، ويقْوى على حملها وأدائها، ويتمكَّن من شُكر مَولى الإنعام ومُسْدِيه.


(١) «محاسن الشريعة» (٢٢).
(٢) (ت): «الندب». ومهملة في (ق). ورسمها في (د) يشبه: «الفرب».
(٣) (ت): «تعظيما وتحميدا».