للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى غيرها بالاحتمال» (١).

وقال الكلوذاني: «إذا روى الصحابي شيئاً عن النَّبيِّ وخالفه، لم يدل ذلك على ضعف الخبر، ولا على نسخه … وقال الحنفية: يسقط العمل بالحديث، وعن أحمد نحوه (٢). لنا: أنَّ قول الرسول حجة يجب العمل بها، فإذا ترك الراوي العمل احتمل أنْ يكون قد نسي الخبر أو تأوله، أو أنَّ ذلك قد نسخ فوقف فعل الراوي حتى يتبين، وبقي قول الرسول فوجب المصير إليه. احتجوا بأنَّ الصحابي مع فضله لا يجوز مخالفته للرسول ، فإذا عمل بخلاف الخبر دل على أنَّه علم نسخه. الجواب: أنَّه يحتمل ذلك، ويحتمل ما ذكرنا فوقف، فلا يترك ما هو حجة لغير حجة، ثم لو كان عرف ما نسخه لذكره ورواه ولو مرة في العمر؛ لأنَّه لا يظن به كتمان العلم، فلما لم يذكر دل على أنَّه نسيه» (٣).

وذهب بعض أهل العلم إلى جعل المخالفة علة تمنع صحة الحديث، فقال طاهر الجزائري: «وكمن يشترط في صحة الحديث أنْ لا يكون الراوي قد عمل بخلافه بعد روايته له، فإذا استعمل هذا الحد أخرج الحديث الذي عمل الراوي له بخلافه بقوله: ولا علة، وجُعِلَ من العلل القادحة مخالفة عمل الراوي لما رواه» (٤).

والحديث - إذا صَحَّ سنده واتضحت دلالته - حجة عَلَى الأمة، بِمَا فِيْهَا الصَّحَابِيّ (٥)؛ لذا قال الشافعي ومالك فيما نقله ابن العربي: «الحديث


(١) " ميزان الأصول ": ٤٤٤ تح د. محمد زكي عبد البر و ٢/ ٦٥٦ تح د. عبد الملك السعدي (وفيها سقط مقدار سطر).
(٢) الثابت عن الإمام أحمد أنَّه لم يكن يقدم على الحديث الصحيح عملاً ولا رأياً ولا قياساً ولا قول صاحب وقد بين هذا بالتفصيل العلامة ابن القيم في كتابه " إعلام الموقعين " ١/ ٤١ - ٤٣ ونقل عدداً وافراً من الأدلة على ذلك.
(٣) " التمهيد في أصول الفقه " ٣/ ١٩٣ - ١٩٤.
(٤) " توجيه النظر " ١/ ٢١٤.
(٥) انظر: " أثر علل الْحَدِيْث في اختلاف الفقهاء ": ١٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>