للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما قدم عَبْد الرَّحْمَان قَالَ: ومثلي يصنع هذا به؟ ومثلي يفتات (١) عَلَيْهِ؟! فَكلَّمَتْ عَائِشَةُ المنذر بن الزبير، فَقَالَ المنذر: فإنَّ ذَلِكَ بيد عَبْد الرَّحْمَان، فَقَالَ عَبْد الرَّحْمَان: ما كنت لأرد أمراً قضيتيه، فقرّت حفصة عند المنذر، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ طلاقاً» (٢).

وقد أجاب البيهقي عن هذا التعارض بما لا مزيد عليه فرد أولاً على الطحاوي بقوله: «والعجب أنَّ بعض من يسوي الأخبار على مذهبه يحكي أنَّ ابن جريج سأل ابن شهاب عن هذا الحديث فأنكره، ثم يرويه عن ابن أبي عمران، عن يحيى بن معين، عن ابن علية، عن ابن جريج سأل ابن شهاب، ولو ذكر حكاية يحيى بن معين في هذا على وجهها علم أصحابه أنْ لا مغمز في رواية سليمان بهذه الحكاية فاختصرها ولم يذكرها على الوجه … والمحتج بحكاية ابن علية في رد هذه السنة يحتج في مسألة الوقف برواية ابن لهيعة وحده، وفي غير موضع برواية الحجاج بن أرطاة وحده، ثم يرد في هذه المسألة رواية ابن لهيعة، عن جعفر بن ربيعة، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، عن النَّبيِّ مثل رواية موسى بن سليمان … ويرد رواية الحجاج بن أرطاة، عن الزهريِّ مثل ذلك، فيقبل رواية كل واحد منهما منفردة إذا وافقت مذهبه، ولا يقبل روايتهما مجتمعة إذا خالفت مذهبه، ومعهما رواية فقيه من فقهاء الشام ثقة يشهد لروايتهما من هذه المسألة بالصحة والله يوفقنا لمتابعة السنة وترك الميل إلى الهوى بفضله ورحمته» (٣) ثم بين ما يجاب عن ما استشكله الطحاوي فقال: «ونحن نحمل هذا على أنَّها مهدت أسباب


(١) افتات في الأمر: استبد بِهِ، وَلَمْ يستشر من لَهُ الرأي فِيْهِ. ويقال: افتات عَلَيْهِ فِيْهِ، وفلان لا يفتات عَلَيْهِ: لا يفعل الأمر دُوْنَ مشورته. " المعجم الوسيط " ٢/ ٧٠٥.
(٢) أخرجه: مالك في " الموطأ " (١٥٩٦) برواية الليثي و (١٥٦٤) برواية أبي مصعب الزهري
و (٥٦٩) برواية محمد بن الحسن الشيباني، والطحاوي في " شرح معاني الآثار " ٣/ ١٨ وفي ط. العلمية (٤١٧١). وانظر " نصب الراية " ٣/ ١٨٦، و" تحفة الأحوذي " ٤/ ٢٢٩.
(٣) " معرفة السنن والآثار " (١٣٥١١) - (١٣٥٢٢) ط. الوعي وبعد (٤٠٦٤) - قبيل (٤٠٦٧) ط. العلمية.

<<  <  ج: ص:  >  >>