للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثال آخر: روى ابن أبي ليلى، عن عطية ونافع، عن ابن عمر، قال: صليتُ معَ النبيِّ في الحضرِ والسفرِ: فصليتُ معهُ في الحضر الظهر أربعاً وبعدَها ركعتينِ، وصليتُ معهُ في السفر الظهر ركعتين، وبعدها ركعتين، والعصر ركعتين، ولم يُصلِّ بعدها شيئاً، والمغرب في الحضر والسفر سواء ثلاثَ ركعاتٍ لا يُنقِصُ في حضرٍ ولا سفرٍ، وهي وترُ النهارِ، وبعدها ركعتين. (١)

أخرجه: الترمذي (٥٥٢)، وابن خزيمة (١٢٥٤) بتحقيقي، والبغوي (١٠٣٥) من طرق عن ابن أبي ليلى، بهذا الإسناد.

قال الترمذي عقبه: «هذا حديث حسن».

أقول: هذا الحديث معلول سنداً ومتناً، فأما علةُ سندِهِ فإنَّ ابن أبي ليلى قد تكلم فيه من قبل حفظهِ، فقال الإمامُ أحمدُ فيما نقله عنه المزي في "تهذيب الكمال" ٦/ ٤٠٣ (٥٩٩٧): «كانَ سيّئ الحفظِ، مضطربَ الحديث، كانَ فقهُ ابن أبي ليلى أحبَّ إلينا منْ حديثِهِ، في حديثه اضطرابٌ»، ونقل عن يحيى ابن معين أنَّه قال فيه: «ليسَ بذاكَ»، ونقل عن عمرو بن علي، عن أبي داود: سمعت شعبة يقول: «ما رأيت أحداً أسوأ حفظاً من ابن أبي ليلى»، ونقلَ البخاريُّ في "التاريخ الكبير" ١/ ١٦٣ (٤٨٠) عَنْ شعبة أنَّه قالَ: «أفادني ابن أبي ليلى أحاديثَ فإذا هي مقلوبةٌ» (٢).

وعلى حاله هذا فإنَّه قد اختلف عليه إسناد هذا الحديث، فإنَّه تارة يضيف نافعاً إلى عطية كما هو أعلاه، وتارة يحذفه، فقد رواه عند الطحاوي في "شرح معاني الآثار" ١/ ٤١٨ وفي ط. العلمية (٢٣٦٧) عن العوفي، عن ابن عمر ، به يعني: بإسقاط نافع من الإسناد. وهذا الإسناد دليل على شذوذ رواية ابن أبي ليلى؛ وذلك أنه مخالف للمروي عن نافع، فقد أخرج


(١) لفظ رواية الترمذي.
(٢) ولخص ابن حجر القول فيه، فقال: «وهو صدوق سيئ الحفظ جداً» " التقريب " (٦٠٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>