وقال البخاري:«هو صدوق، ولا أروي عنه، لأنه لا يدرى صحيح حديثه من سقيمة»(١).
أقول: تزاد هذه على ما سطره يراع الحافظ في المفاضلة بين الصحيحين. فمن كلامه يستنبط أن البخاري كان لا يخرج للرواة المتكلم فيهم إلا ممن كان يعرف صحيح حديثه من سقيمه، فينتخبون له صحاح حديثهم، وينتخب هو من تلك الصحاح ما يشاء أو يراه مناسباً لوضعه في الصحيح. في حين لم نجد لمسلم ما ينص به على ذلك.
فهذه علل إسناده، ومما يبين ضعفه أنَّه خالف الحفاظ بروايتهم، فقوله:«وصليت معه في السفر الظهر ركعتين وبعدها ركعتين» هذه العبارة - أعني: وبعدها ركعتين- خالف بها عطيةُ الرواةَ الحفاظَ الذين رووه بخلاف هذا كما سيأتي في تخريج هذا الحديث. ثم إنَّه زاد عليهم:«والمغرب في الحضر والسفر سواء ثلاثَ ركعاتٍ لا ينقصُ في حضرٍ ولا سفر، وهي وترُ النهارِ وبعدَها ركعتين»، هذه الزيادة لم أقف على من رواها من هذا الطريق، إلا من طريق عطية، وعبارة «وبعدها ركعتين» معلولة بإنكار ابن عمر ﵄ لمن يتطوع في السفر.
وقد ذهب العلماء إلى رد حديث عطية، وقبل عرض أقوال العلماء، لا بد من التنبيه على ملاحظة بسيطة وهي: إنَّ قول الترمذي: «هذا حديث حسن» لا يقتضي أنَّه حسن بالمعنى الاصطلاحي، وإنَّما هي من الإطلاقات التي عُرف بها الترمذي، ولو أنَّه كان يقصد المعنى الاصطلاحي لما أعقبه بقوله:«سمعت محمداً يقول ما روى ابن أبي ليلى حديثاً أعجب إليّ من هذا، ولا أروي عنه شيئاً»، ولعل ما يشهد لقولي هذا أنه ﵀، قال عقب حديث (٣١٥): «حديث فاطمة حديث حسن، وليس إسناده بمتصل» وهذا يعني أنَّه حكم بانقطاع السند فكيف يحكم بانقطاعه، ثم يقول عنه حديث حسن؟ ومن الأمور المتفق عليها أنَّ الترمذي أحد جهابذة هذا العلم، ومن أهل صنعته، فهل يعقل أنَّه ﵀