للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأولاهم للزومه والتدين به، فلما أنكره الذي في الخبر من قوله: ما أمرنا الله أنْ نمسح على جلود البقر والغنم (١). والقول الآخر: ما أبالي على ظهر حمار مسحت أو على خفي (٢) بان ذلك أنَّه غير حافظ المسح عن رسول الله ، وأنَّ من أسند ذلك عنه، عن النبي واهي الرواية أخطأ فيه إما سهواً أو تعمداً، فبجمع هذه الروايات ومقابلة بعضها ببعض تتميز صحيحها من سقيمها، وتتبين رواة ضعاف الأخبار من أضدادهم من الحفاظ؛ ولذلك ما ضعف أهل المعرفة بالحديث عمر بن عبد الله بن أبي خثعم وأشباههم من نقلة الأخبار، لروايتهم الأحاديث المستنكرة التي تخالف روايات الثقات المعروفين من الحفاظ»، وقال ابن عبد الهادي في " التنقيح " عقب (٢٥٩): «وقد سئل عنه الدارقطني: فضعفه وضعف كلَّ ما روي عن أبي هريرة في المسح على الخفين، والله أعلم».

ومما يزيد في هذه الطرق ضعفاً وخصوصاً طريق جرير بن أيوب - كونه خالف في روايته يزيد بن زاذي - وهو مولى بجيلة (٣) - إذ رواه يزيد من طريق أبي زرعة، عن أبي هريرة.

أخرجه: مسلم في " التمييز " (٨٩)، قال: حدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا محمد - وهو غندر - قال: حدثنا شعبة، عن يزيد بن زاذي (٤)، قال: سمعت أبا زرعة - وهو ابن عمرو بن جرير - قال: سألت أبا هريرة عن المسح على الخفين، قال: فدخل أبو هريرة دار مروان بن الحكم فبال ثم دعا بماء فتوضأ وخلع خفيه، وقال: ما أمرنا اللهُ أن نمسحَ على جلودِ البقرِ والغنمِ.

فهذه هي الرواية الصواب المحفوظة عن أبي هريرة، والله أعلم.


(١) سيأتي تخريجه.
(٢) أخرجه: ابن أبي شيبة (١٩٦٣) وعنده: «ما أبالي على ظهر خفي مسحت، أو على ظهر حمار».
(٣) قال عنه يحيى بن معين فيما نقله ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" ٩/ ٣٢٥ (١١١٢): «ثقة»، وذكره البخاري في " التاريخ الكبير " ٨/ ٢١٥ (٣٢٢٢).
(٤) في المطبوع: «زاذان» خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>