للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأول: منع اختصار الْحَدِيْث مطلقاً، تأسياً بالمنع من الرِّوَايَة بالمعنى (١)؛ «لأنَّ حذف بَعْض الْحَدِيْث ورواية بعضه رُبَّمَا أحدث الخلل فِيْهِ، والمختصِر لا يشعر» (٢). وبخاصة إذا لم يكن عالماً بالألفاظ ودلالاتها.

الثاني: جواز اختصار الحديث مطلقاً (٣)، لكن ينبغي تقييد هذا الإطلاق.

قَالَ الحَافِظ العراقي: «وينبغي تقييد الإطلاق بِمَا إذا لَمْ يَكُنِ المحذوف متعلقاً بالمأتي بِهِ تعلقاً يخل بالمعنى حذفه، كالاستثناء والحال ونحو ذَلِكَ، كَمَا سيأتي في القول الرابع. فإن كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَجُزْ بلا خلاف، وبه جزم أَبُو بكر الصيرفي (٤)

وغيره، وَهُوَ واضح» (٥)، وقال الزركشي: « .. لكنه بعيد، فإن أحداً لا يجوز حذف الغاية والاستثناء والاقتصار على أصل الكلام، وحكى سليم الرازي فيما إذا لم يتعلق بعضه ببعض طريقين: إحداهما: إجراء خلاف الرواية بالمعنى، والثانية: القطع بالجواز، قال: وهي المذهب» (٦).

الثالث: إذا رواه تاماً هو أو غيره جاز اختصاره، وإن لم يروه تاماً هو أو غيره لم يجز اختصاره (٧).

الرابع: يجوز اختصار الحديث والاقتصار عَلَى بعضه، إذا كَانَ فاعله عالماً عارفاً، وَكَانَ ما تركه متميزاً عمّا نقله غَيْر متعلق بِهِ، بِحَيْثُ لا يختل


(١) انظر: " الكفاية ": ١٩٠.
(٢) " توجيه النظر " ٢/ ٧٠٣.
(٣) انظر: " الكفاية ": ١٩٠، و" البحر المحيط " ٣/ ٤١٨.
(٤) هُوَ الفقيه الأصولي مُحَمَّد بن عَبْد الله أبو بكر المعروف بالصيرفي الشَّافِعِي البغدادي، صنف في الأصول فأجاد، توفي سنة (٣٣٠ هـ).

انظر: " وفيات الأعيان " ٤/ ١٩٩، و" طبقات الشافعية " ٢/ ١١٦ - ١١٧، و" مرآة الجنان " ٢/ ٢٢٤.
(٥) " شرح التبصرة والتذكرة " ١/ ٥١٠ بتحقيقي.
(٦) انظر: " البحر المحيط " ٣/ ٤١٨.
(٧) انظر: "الكفاية": ١٩٠، و"البحر المحيط" ٣/ ٤١٨، و"شرح التبصرة والتذكرة"١/ ٥١٠ بتحقيقي.

<<  <  ج: ص:  >  >>