للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الضخمة في الحديث والرجال والعلل وغيرها، إلا أنَّه وجد بعد الثلاثمئة من الأئمة من سار على منهج المتقدمين وحذا على قواعدهم وطرائقهم، فهو ملحق بهم كالإمام الدارقطني والخطيب البغدادي وابن رجب وغيرهم» (١).

ودار الأمر عند غيرهم بين المئة الرابعة والخامسة ليس غير. ومنهم من جعل المتقدمين أهل القرن الثاني إلى نهاية القرن الخامس الهجري، وجعل المتأخرين أهل القرن السادس إلى نهاية القرن الثالث عشر الهجري، ومن بعدهم من المعاصرين.

وهناك اتجاه آخر يقول: إنَّ هذا المنهج لا ينتهي بحدود الثلاثمئة ولا أقل ولا أكثر، فهو منهج تعرف ملامحه بالتطبيق العملي، والأصول المتبعة في طريقة الإعلال (٢)، فالدارقطني أحد أصحاب منهج المتقدمين وهو بعد القرن الثالث.

وهناك أمور يمكن من خلالها معرفة منهج المتقدمين وهي:

١ - مداومة النظر في كتب الحديث و العلل.

٢ - فهم قواعد المصطلح التي قررها العلماء، ومعرفة أنَّ هذه المصطلحات أغلبية تقريبية.

٣ - التنبه على صيغ الجرح والتعديل واختلافها باختلاف اصطلاح الأئمة وطرقهم (٣).

إنَّ الاختلاف الشديد في الحكم على الأحاديث والإعلال وغيرهما، هو نتيجة طبيعية للاختلاف في المنهج بين المتقدمين والمتأخرين.

وإنَّ مما يؤسف له أنَّ كثيراً ممن ينتحل صناعة الحديث، ظن أنَّ هذه الصناعة قواعد مُطّردة كقواعد الرياضيات؛ فأصبح يعمل القواعد على ظواهر الأسانيد، ويحكم على الأحاديث على حسب الظاهر، بل ربما كان قصارى جهد أحدهم الحكم على الإسناد من خلال " تقريب " الحافظ ابن حجر أو ما أشبه ذلك، من غير مراعاة لما يلحق الرواية سنداً ومتناً من ملابسات وعلل


(١) " مناهج المتقدمين في التعامل مع السنة تصحيحاً وتضعيفاً ": ٤.
(٢) انظر: مقال الشيخ سليمان العلوان: ٢.
(٣) انظر: مقال الشيخ عبد العزيز الطريفي: ٧ - ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>