للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخطاء واختلافات. وإننا لنلمح هذا كثيراً حينما نجد تصحيحات المتأخرين تخالف إعلال المتقدمين، وبعد جمع طرق الحديث و النظر والتحليل مع الموازنة والمقارنة وإعادة الفكرة نجد الصواب مع المتقدمين، إنَّ ما فات المتأخرين كان بسبب إهمالهم لجمع الطرق، والفحص الشديد، وإعمال القواعد على ظاهرها، لكونها عامة مُطّردة باعتقادهم.

وإنَّ مما يفوت المتأخرين كثيراً، قلة اهتمامهم بما يحف الرواية من اختلاف حال الثقة أو الصدوق أو الضعيف من حال إلى حال، ومن وقت إلى وقت، ومن مكان إلى مكان، وكما أنَّ حديث الثقة ليس كله صحيحاً، فكذلك حديث الضعيف ليس كله ضعيفاً بل منه ما يقوى، ومع أنا قد ابتلينا بكثرة تصحيح الأحاديث بمجرد النظر في الأسانيد أو إعمال القواعد، كذلك ابتلينا بالمبالغة في التصحيح بالشواهد والمتابعات، من غير بحث ونظر؛ خشية أنَّ تلك المتابعات والشواهد وهم وخطأ، فربما جاءنا طريق ضعيف من حديث أبي هريرة قوّيناه بسند آخر من حديث ابن عباس، مع أنَّ السند الثاني وهمٌ ناتج عن السند الأول.

ومن الأمثلة التي من خلالها يظهر لنا جلياً تباين منهج المتقدمين والمتأخرين حديث عيسى بن يونس، عن هشام بن حسّان، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة مرفوعاً: «مَنْ ذرعَهُ القيءُ فليسَ عليه قضاءٌ، ومنِ استقاءَ فليقضِ».

أخرجه أحمد (١)، والدارمي (٢)، والبخاري (٣)، وأبو داود (٤)، وابن ماجه (٥)، والترمذي (٦)، والنسائي (٧)، وابن الجارود (٨)، وابن خزيمة (٩)، والطحاوي (١٠)،


(١) في " مسنده " ٢/ ٤٩٨
(٢) في " السنن " (١٧٣٦)
(٣) في " التاريخ الكبير " ١/ ٩٥ (٢٥١).
(٤) في " السنن " (٢٣٨٠).
(٥) في " السنن " (١٦٧٦).
(٦) في " الجامع الكبير " (٧٢٠).
(٧) في " الكبرى " (٣١٣٠) ط. العلمية و (٣١١٧) ط. الرسالة.
(٨) في " المنتقى " (٣٨٥).
(٩) في " صحيحه " (١٩٦٠) و (١٩٦١) بتحقيقي.
(١٠) في " شرح المعاني " ٢/ ٩٧ وفي ط. العلمية (٣٣٣٣) وفي " شرح المشكل "، له (١٦٨٠) وفي (تحفة الأخيار) (١٣٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>