للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قبول رِوَايَة القِرَاءة الشاذة في القُرْآن وردّ الزيادة الَّتِي ينفرد بِهَا بَعْض الرواة، وحق القُرْآن أن ينقل تواتراً بخلاف الأخبار، وما كَانَ أصله التواتر وقُبل فِيهِ زيادة الواحد، فلأن يقبل فيما سواه الآحاد أولى» وحكاه الْقَاضِي عَبْد الوهّاب، عن أبي بَكْر الأبْهري وغيره من أصحابهم (١).

٣ - لا تقبل من الثِّقَة إذا كَانَتْ من جهته، أي: أَنَّهُ رَواهُ ناقصاً ثُمَّ رَواهُ بالزيادة، وتقبل من غيره من الثِّقات، وَهُوَ قَوْل جَمَاعَة من الشافعية كَمَا حكاه الخطيب (٢).

٤ - ذهب ابن دقيق العيد إلى أَنَّهُ إذا اتحد المجلس فالقول للأكثر، سَوَاء كانوا رواة الزيادة أو غيرهم، تغليباً لجانب الكثرة فإنَّها عن الخطأ أبعد، فإن استووا قُدِّمَ الأحفظ والأضبط، فإن استووا قُدِّمَ المثبِت عَلَى النافي، وَقِيلَ: النافي؛ لأنَّ الأصل عدمها. والتحقيق أنَّ الزيادة إن نافت المزيد عَلَيْهِ احتيج للترجيح لتعذر الجمع، وإن لَمْ تنافه لَمْ يحتج إلى الترجيح، بَلْ يعمل بالزيادة إذا أثبتت كَمَا في المطلق والمقيد (٣).

قَالَ أبو نصر بن الصباغ (٤): «إذَا رَوَى خبراً واحداً راويان فذكر أحدهما زيادة في خبره لَمْ يروها الآخر نظرت، فإن رويا ذَلِكَ عن مجلسين كَانَا خبرين وعمل بهما، وإن رويا ذَلِكَ عن مجلس واحد فَهُوَ خبر واحد، فإن كَانَ الَّذِي نقل الزيادة واحداً والباقون جَمَاعَة لا يجوز عَلَيْهِم الوهم، سقطت


(١) انظر: " البحر المحيط " ٣/ ٣٨٧. قَالَ الحافظ ابن حجر في " الفتح " ٣/ ١٣٢ عقب (١٢٣٠): «إن الثِّقَة إذَا انفرد بزيادة خبر، وَكَانَ المجلس متحداً، أو منعت العادة غفلتهم عن ذَلِكَ أن لا يقبل خبره».
(٢) انظر: " الكفاية ": ٤٢٥.
(٣) انظر: " البحر المحيط " ٣/ ٣٩١ - ٣٩٢.
(٤) هُوَ الإِمَام شيخ الشافعية أبو نصر عَبْد السَّيِّد بن مُحَمَّد بن عَبْد الواحد البغدادي المعروف
بـ: "ابن الصباغ"، صاحب التصانيف مِنْهَا " الشامل " و " الكامل "، توفي سنة (٤٧٧ هـ).

انظر: " وفيات الأعيان " ٣/ ٢١٧ - ٢١٨، و" سير أعلام النبلاء " ١٨/ ٤٦٤ - ٤٦٥، و" مرآة الجنان " ٣/ ٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>