للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بخلاف تفرده بالزيادة إذا لم يروها من هو أتقن منه حفظاً وأكثر عدداً، فالظن غالب بترجيح روايتهم على روايته، ومبنى هذا الأمر على غلبة الظن» (١).

وعند تأمل صنيع النقاد نجدهم أعلوا أحاديث بزيادات من طرق بعض الثقات لم يقفوا عليها عند غيرهم، بل إن بعض الرواة تكلم فيهم لأجل زيادات في أحاديثهم، وكما مر كلام الإمام أحمد في حجاج بن أرطاة، وهذا الإمام مسلم شرط في قبول الزيادة أن يكون راويها ممن لم يكثر الوهم في حفظه (٢)، فانظر رحمك الله إلى وعورة شرط مسلم في هذا الباب، وكم من حديث أعله في صحيحه بزيادة وقعت في روايات بعض الثقات، أو توقف عن تخريجه في صحيحه (٣) ولو تتبعنا نقد النقاد للأحاديث لوجدنا ابن مهدي والقطان وأحمد وابن معين وابن المديني ومسلماً والبخاري وأبا حاتم وأبا زرعة وأبا داود والترمذي والعقيلي وابن عدي والدارقطني ردوا اعتبار الترجيح لزيادات رواة لا ينزلون عن مرتبة الثقة (٤)، وبعد هذا كله أنى للخطيب أن ينقل إجماع المحدثين على قبول الزيادات بلا قيد؟ بل إنَّه أسهب في حكايته للإجماع فأطلقه بلا اعتبار لشروط من شرط القبول أو مخالفيهم في قبول الزيادة سيما من المتأخرين.

٢ - لا تقبل الزيادة مطلقاً (٥) وهذا مَا نقل عن معظم الحنفية، وعزاه السمعاني لبعض أهل الحَدِيْث، وَقَالَ الشَّافِعيُّ: «من تَناقُض القَوْل الجمع بَيْنَ


(١) " النكت " ٢/ ٦٩١ و: ٤٦٦ - ٤٦٧ بتحقيقي.
(٢) فقد قال في " التمييز " (٥٩): «الزيادة في الأخبار لا يلزم إلا عن الحفاظ الذين لم يكثر عليهم الوهم في حفظهم».
(٣) كما في زيادة سليمان التيمي، عن قتادة، عن يونس بن جبير، عن حطان الرقاشي، عن أبي موسى: «إذا قرأ فانصتوا» " صحيح مسلم " ٢/ ١٥ (٤٠٤) (٦٣)، وفي كتابنا هذا تفصيل ذلك.
(٤) انظر: "شرح شرح نخبة الفكر": ٣٢٢ - ٣٢٣ بتصرف، وسوف يأتي مزيد بيان لهذه القضية.
(٥) وحجتهم أنَّ الزيادة مشكوك فيها، والحديث بعدها متيقن، ولو كانت محفوظة لرواها الآخرون.

<<  <  ج: ص:  >  >>