للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يستطيع أنْ يفصح الجوهري عن زيف الزائف (١).

وربما قَبِلَ المُحَدِّثُوْنَ الزيادة الواقعة في بَعْض المتون أو الأسانيد لقرائن معينة ومرجحات خَاصَّة، وَهِيَ كثيرة، قَالَ العلائي: «ووجوه الترجيح كثيرة لا تنحصر، وَلَا ضابط لَهَا بالنسبة إلى جَمِيْع الأحاديث، بَلْ كُلّ حَدِيث يقوم بِهِ ترجيح خاص. وإنما ينهض بِذَلِكَ الممارس الفطن الَّذِي أكثر من الطرق والروايات؛ ولهذا لَمْ يحكم المتقدمون في هَذَا المقام بحكم كلي يشمل القاعدة، بَلْ يختلف نظرهم بحسب مَا يقوم عندهم في كُلّ حَدِيث بمفرده» (٢).

وَقَدْ توهم من ظن أنَّ النقاد موقفهم واحدٌ في كُلّ الزيادات؛ إِذْ إنَّ النقاد إذَا كانوا قَدْ نصوا في بَعْض المناسبات عَلَى قبول زيادة الثِّقَة أو الأوثق، بحيث يخيل إلى القارئ المتعجل أنَّ موقفهم في ذَلِكَ هُوَ القبول المطلق، فَهُوَ تخيل غَيْر صَحِيْح، إِذْ إنَّ عمل النقاد المتمثل في رد الزيادة مرة وقبولها أخرى بغضِّ النظر عن حال الرَّاوِي الثِّقَة أو الأوثق يَكُون ذَلِكَ كافياً للتفسير بأنَّ ذَلِكَ لَيْسَ حكماً مطّرداً مِنْهُمْ، و إنَّما قبلوا في حال الرَّاوِي الثِّقَة الَّذِي زاد في الحَدِيْث زيادة بَعْدَ تأكدهم من سلامته من جَمِيْع الملابسات الدالة عَلَى احتمال الخطأ والوهم أو النسيان، ويؤكد هَذَا المَعْنَى الحَاكِم النيسابوري قائلاً: «الحجة فِيهِ عندنا الحفظ و الفهم والمَعْرِفَة لا غَيْر» (٣).

لَكِن الخطيب - فِيْمَا أعلم - هُوَ أول المُحَدِّثِيْنَ في النقل عن الْجُمْهُور القول بقبول زيادة الثِّقَة ورجح ذَلِكَ فَقَالَ: «والَّذِي نختاره من هذِهِ الأقوال: أنَّ الزيادة الواردة مقبولة عَلَى كُلّ حال معمول بِهَا إذَا كَانَ راويها عدلاً ومتقناً ضابطاً» (٤).

وَقَدْ ناقشه ابن رجب الحنبلي فِيْمَا استدل بِهِ فَقَالَ: «وقد صنف في ذلك


(١) انظر مَا جرى لأبي حاتم الرَّازِيّ في " الجرح و التعديل " لابنه ١/ ٢٨٣ - ٢٨٤ المقدمة.
(٢) نقله عَنْهُ الحافظ ابن حجر في " النكت " ٢/ ٧١٢ و: ٤٨٦ بتحقيقي.
(٣) " مَعْرِفَة علوم الحَدِيْث ": ١١٣ ط. العلمية وعقب (٢٧٠) ط. ابن حزم.
(٤) " الكفاية ": ٤٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>