للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ذهب العلماء إلى ترجيح الرواية الموقوفة.

فقال الدارقطني في سننه عقب الرواية الموقوفة: «وهو الصواب»، وقال كما في " إتحاف المهرة " ١١/ ٣١٤ (١٤٠٨٤): «وهم هذا الشيخ في رفعه، والصواب موقوف».

وقال الحاكم عقب الرواية المرفوعة: «هكذا السند عن علي، ووقفه غيره».

وقال البيهقي عقب الرواية الموقوفة: «وروي ذلك مرفوعاً، والموقوف أصح»، وقال فيما نقله الذهبي في "المهذب" (٦٧٦٧): «روي مرفوعاً، ولم يصح».

وانظر: "المهذب في اختصار السنن الكبير" ٣/ ١٥٢٥ (٦٧٦٧)، و"إتحاف المهرة" ١١/ ٣١٤ (١٤٠٨٤).

وقد يروى الحديث بزيادة شاذة، ويكون السند نازلاً، ولا نجد ثمة متابعات للرواة النازلين، مما يعسر على الناقد تعيين الواهم فيه إلا بقرائن أخرى روى البيهقي في " السنن الكبرى " ١/ ٤١٠ وفي " الصغرى "، له (٢٧٠) ط. العلمية و (٢٩٩) ط. الرشد قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو نصر أحمد بن علي بن أحمد القاضي، قالا: أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب، قال: حدثنا محمد بن عوف، قال: حدثنا علي بن عيَّاش، قال: حدثنا شعيب بن أبي حمزة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله : «منْ قالَ حينَ يسمعُ النداءَ: اللهمَّ إني أسألكَ بحقِ هذهِ الدعوة التامةِ والصلاةِ القائمةِ آتِ محمداً الوسيلة والفضيلةَ وابعثهُ مقاماً محموداً الذي وعدتَّه إنَّك لا تخلفُ الميعاد، إلا حلَّتْ له شفاعتي».

رواية البيهقي هذه فيها زيادة شاذة، وهي جملة: «إنكَ لا تخلف الميعاد» (١)

والوهم في ذكر هذه الزيادة قد يكون من أبي العباس محمد بن


(١) قال البيهقي في " السنن الكبرى " عقب الحديث: «رواه البخاري في " الصحيح " عن علي بن عياش» أقول: نعم، إنَّ البخاري أخرجه عن علي بن عياش لكن ليس فيه ذكر: «إنك لا تخلف الميعاد» ومعنى كلام البيهقي أنَّ البخاري أخرج أصل الحديث لا لفظه، لذا قال العراقي في " شرح التبصرة والتذكرة " ١/ ١٢٣ بتحقيقي: «البيهقي في " السنن الكبرى " و" المعرفة " وغيرهما، والبغوي في " شرح السنة " وغير واحد يروون الحديث بأسانيدهم، ثم يعزونه إلى البخاري، أو مسلم مع اختلاف الألفاظ أو المعاني؟ والجواب: أنَّ البيهقي وغيره ممن عزا الحديث لواحد من الصحيحين، إنما يريدون أصل الحديث، لا عزو ألفاظه». وانظر: " النكت الوفية " ١/ ١٥٢ بتحقيقي، و" فتح الباقي " ١/ ١٢١ مع تعليقي عليه.
ومن خلال هذا التعليق يدرك قصور صنيع الذهبي في كتابه " المهذب في اختصار السنن الكبير " ١/ ٤٠٦ (١٧٣٧).
قال العلامة ابن عثيمين : «بعض الناس قال: إنَّ زيادة: «إنك لا تخلف الميعاد» شاذة؛ لأنَّ أكثر الرواة رووه بدون هذه الزيادة، فتكون رواية من انفرد بها شاذة؛ لأنها مخالفة للثقات، وإن كان الراوي ثقة. لكنه يمكن أن نقول: لا مخالفة هنا؛ لأنَّ هذه الزيادة لا تنافي ما سبق، بحيث أنها لا تكذبه ولا تخصصه، وإنما تطبعه بطابع هو من دعاء المؤمنين كما قال الله عنهم: ﴿رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾ وهنا نقول: وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد، نظير قول الله تعالى= =: ﴿وَلا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾ فحينئذ يحتاج إلى أن نتثبت في مسألة الزيادة هل هي مخالفة أو غير مخالفة، أي: أننا لا نتسرع بالقول بالمخالفة؛ لأنَّ المخالفة تعني أنه لا يمكن الجمع، أما إذا أمكن الجمع فلا مخالفة» " شرح المنظومة البيقونية ": ٦٨.
أقول: إنَّ الاستشهاد على تقوية الأحاديث والزيادات بالقرآن طريقة غير مقبولة، وهي تخالف طريقة العلماء المتقدمين، وانفراد الراوي عن شيخ بشيء لا يوجد عند جمع من تلاميذ هذا الشيخ المدار، أكبر مخالفة.
ويزاد هنا أيضاً أنَّ الشيخ عبد العزيز بن باز حكم بثبوت هذه الزيادة كما في " مجموع فتاويه ومقالاته " ١٠/ ٣٦٥، وتكرر هذا الخطأ في الحكم بثبوت هذه الزيادة الشاذة في فتاوى اللجنة الدائمة ٦/ ٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>