للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما رواه الطبراني (١) من طريق حسّان بن إبراهيم الكرماني، عن عبد العزيز بن أبي رواد، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قلت: يا رسول الله، الوضوء من جر جديد مخمر أحب إليك أم من المطاهر؟ فقال: «لا، بل منَ المطاهر، إنَّ دينَ اللهِ الحنيفية السمحة» قال: وكان رسول الله يبعث إلى المطاهر، فيؤتى بالماء فيشربه يرجو بركة أيدي المسلمين.

فهذا الحديث العقل يرده قبل النقل فكيف يتبرك الرسول بمن دونه، أليس هو خاتم النبيين؟! أليس هو إمام المتقين؟! فكيف إذن يتبرك بمن هو دونه؟! وقد أبان شيخنا العلاّمة المحدّث عبد الله بن عبد الرحمان السعد عن علل هذا الحديث (٢) فشفى وكفى، والحمد لله رب العالمين.

هـ - إعراض المتقدمين عن تخريج الحديث في كتبهم ولاسيما الكتب الجامعة منها "كمسند أحمد" و"مصنف ابن أبي شيبة"، و"صحيح ابن حبان"، فضلاً عن الكتب الستة، فإذا وجدت حديثاً فيه حكم من الأحكام، وليس في الكتب المتقدمة، فاعلم أنَّ ذلك من قرائن تضعيف هذا الحديث، قال أبو داود واصفاً كتابه السنن: «وهو كتاب لا يرد عليك سنة عن النبيِّ بإسناد صالح إلا وهي فيه .. » (٣)، فهذا يعني أنَّ المتقدمين ما أعرضوا عن تخريج هذا الحديث أو ذاك إلا لعلة اطلعوا عليها دون غيرهم، فلذلك كانت كتب المتقدمين حجة، وإعراضهم حجة، بل وسكوتهم حجة، قال الحافظ ابن عبد الهادي مضعفاً حديثاً: «حديث ضعيف الإسناد منكر المتن لا يصلح الاحتجاج به، ولا يجوز الاعتماد على مثله، ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة، ولا رواه الإمام أحمد في " مسنده " .. » (٤).

و - التفرد: وهو ليس علة بحد ذاته، فقد يغرب الحافظ بأحاديث لا يشاركه فيها غيره، قال الإمام مسلم: «وللزهري نحو من تسعين حديثاً، يرويه


(١) في " الأوسط " (٧٩٨) ط. الحديث و (٧٩٤) ط. العلمية.
(٢) شرح الموقظة - تسجيل صوتي -، وانظر: " الفوائد المجموعة ": ١٨.
(٣) " رسالة أبي داود إلى أهل مكة ": ٤٥.
(٤) " الصارم المنكي ": ٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>