للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ج - أن تكون في الحديث مبالغة في الأجر، أو العذاب على بعض الأفعال اليسيرة: فتجد مثلاً أحاديث من قال كذا فله ألف ألف حسنة، ووضع عنه ألف ألف سيئة، وكذا وكذا، فنحن في الوقت الذي نظن بالله ﷿ أنَّه أكرم من ذلك، وكرمه تعالى لا يتصوره عقل إلا أنَّ مثل هذه المبالغات في الأجر على الفعل اليسير، تجعلنا نجزم بعدم ثبوت مثل هذه الأقوال عن النبي ، قال الحافظ ابن حجر: «ومن جملة القرائن الدالة على الوضع: الإفراط بالوعيد الشديد على الأمر اليسير، أو بالوعد العظيم على الفعل اليسير، وهذا كثير موجود في حديث القصاص والطرقية، والله أعلم» (١).

د - أن يكون المتن مما يرده العقل، ولا تستسيغه الفطرة السليمة: ولسنا بذا نقول ما يقوله بعضهم في رد الأحاديث الصحيحة بالحجج العقلية، ولكن نقول: هناك بعض الأحاديث التي لا يشك منصف في بطلانها؛ لمخالفتها العقل الصحيح السليم المعتد به في الدين، قال السخاوي - في أثناء ذكره قرائن الحكم بالوضع -: «والركة في المعنى: كأن يكون مخالفاً للعقل ضرورة أو استدلالاً، ولا يقبل تأويلاً بحال … ؛ لأنه لا يجوز أن يرِد الشرعُ بما ينافي مقتضى العقل» (٢)، أما رد الأحاديث بمجرد مخالفتها عقول المتكلمين وأهواءهم وأذواقهم فلا، قال العلامة المعلمي: «هذا وقد عرف الأئمة الذين صححوا الأحاديث أنَّ منها أحاديث تثقل على بعض المتكلمين ونحوهم، ولكنهم وجدوها موافقة للعقل المعتد به في الدين، مستكملة شرائط الصحة الأخرى، وفوق ذلك وجدوا في القرآن آيات كثيرة توافقها أو تلاقيها أو هي من قبيلها قد ثقلت هي أيضاً على المتكلمين، وقد علموا أنَّ النبي كان يدين بالقرآن ويقتدي به فمن المعقول جداً أن يجيء في كلامه نحو ما في القرآن من الآيات» (٣)، من ذلك - أعني الأحاديث التي تخالف العقل الصريح -


(١) " النكت " ٢/ ٨٤٣ - ٨٤٤ و: ٥٩٦ بتحقيقي.
(٢) " فتح المغيث " ١/ ٢٩٤ ط. العلمية و ٢/ ١٢٨ ط. الخضير.
(٣) " الأنوار الكاشفة ": ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>