للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محمد بن سَلَمة الحرانيُّ، قال: حدثنا محمد بن إسحاق، عن عاصم بن عمر (١) بن قتادة، عن أبيه، عن جده

قتادة بن النعمان، قال: كانَ أهلُ بيتٍ منَّا يقال لهم: بنو أُبَيْرِقٍ بِشْرٌ وبُشَيرٌ ومُبشِّرٌ، وكان بُشير رجلاً منافقاً يقول الشعر يهجو به أصحاب رسول الله ثم يَنحلُهُ بعض العربِ، ثم يقولُ: قالَ فلانٌ كذا وكذا، فإذا سمعَ أصحاب رسول اللهِ ذلك الشِّعر قالوا: واللهِ ما يقولُ هذا الشعرَ إلا هذا الخبيثُ، أو كما قالَ الرجلُ، وقالوا: ابنُ الأُبيرقِ قالها، قالَ: وكانوا أهلَ بيتِ حاجةٍ وفاقةٍ في الجاهلية والإسلام، وكان الناسُ إنما طعامهم بالمدينة التمرُ والشعيرُ، وكانَ الرجلُ إذا كانَ لهُ يَسَارٌ فَقَدِمَتْ ضَافِطةٌ (٢) من الشام من الدَّرْمَكِ (٣)، ابتاع الرجلُ منها فَخَصَّ بها نفسَهُ، وأما العِيالُ فإنَّما طعامُهم التمرُ والشعيرُ، فَقَدِمَتْ ضَافِطةٌ من الشامِ فابتاع عَمِّي رِفاعةُ بنُ زيدٍ حِمْلاً من الدَّرْمَكِ فَجَعلهُ في مَشرَبةٍ له، وفي المشربة سلاحٌ: درع وسيفٌ، فَعُدي عليه من تحت البيتِ، فَنُقبَتِ المشَربةُ (٤)، وأُخِذَ الطعامُ والسلاحُ، فلما أصبحَ أتاني عمي رِفاعةُ، فقال: يا ابنَ أخي، إنَّه قد عُدِيَ علينا في ليلتنا هذه، فَنُقبَتْ مَشْرَبتُنا فَذُهِبَ بطعامنا وسلاحنا.

قال: فَتحسَّسنا في الدار وسألنا فقيل لنا: قد رأينا بَني أبَيرقٍ استوقدوا في هذه الليلة، ولا نُرى فيما نُرى إلا على بعض طعامكم، قال: وكان بنو أبيرقٍ قالوا ونحن نسألُ في الدار: واللهِ ما نُرى صاحبَكم إلا لَبيدَ بن سَهلٍ، رجلٌ منا له صلاح وإسلامٌ، فلما سَمع لبيدٌ اختَرطَ سيفَهُ وقال: أنا أَسرقُ؟ فواللهِ لَيُخَالطنّكُمْ هذا السيفُ، أولتُبينُنَّ هذه السرقة، قالوا: إليك عنها أيها الرجل، فما أنت بصاحبها، فَسألنْا في الدار حتى لم


(١) عند الحاكم: «عمرو».
(٢) الضافطة: الإبل الحَمولة يُحمل عليها من بلدِ إلى بلدٍ. " تاج العروس " مادة (ضفط).
(٣) الدقيق الحواري. النهاية ٢/ ١١٤.
(٤) المشربة: بفتح الراء، الموضع الذي يُشرب منه. النهاية ٢/ ٤٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>