للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نشكَّ أنَّهم أصحابُها، فقال لي عمي: يا ابن أخي، لو أتيتَ رسولَ الله فذكرتَ ذلك لهُ، قال قتادةُ: فأتيتُ رسولَ الله فقلتُ: إنَّ أهلَ بيتٍ منا أهلُ جَفَاءٍ، عمدوا إلى عمي رِفاعةَ بن زيدٍ فَنَقبوا مَشرَبةً لهُ، وأَخذوا سلاحَهُ وطعامَهُ، فَليَرُدُّوا علينا سلاحنا، فأما الطعام فلا حاجةَ لنا فيهِ، فقال النَّبيُّ : «سَآمُرُ في ذَلكَ»، فَلما سَمعَ بنو أبيرقٍ، أتوا رجلاً منهم يُقال له: أُسيرُ بنُ عُروةَ فَكلَّموهُ في ذلك، فاجتمع في ذلك ناسٌ من أهل الدار فقالوا: يا رسولَ الله، إنَّ قتادة بن النعمان وعمَّه عَمَدَا إلى أهل بيتٍ منا أهلِ إسلام وصلاح، يَرمونهم بالسرقةِ من غيرِ بَيّنةٍ ولا ثَبْتٍ، قال قتادة: فأتيتُ رسولَ الله فَكلّمتُهُ، فقال: «عَمَدْتَ إلى أَهلِ بَيتٍ ذُكِرَ منهم إسلامٌ وصَلاحٌ، تَرميهم بالسرقةِ على غير ثَبْتٍ وبَينةٍ».

قال: فَرجعتُ وَلَوَدِدتُ أني خَرَجتُ من بعضِ مالي ولم أُكَلِّمْ رسولَ الله في ذلكَ، فأتاني عمي رِفاعةُ، فقال: يا ابنَ أخي، ما صنعتَ؟ فأخبرتُهُ بما قالَ لي رسول الله ، فقال: اللهُ المستعانُ، فلم يلبثْ أن نَزَلَ القرآنُ ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللهُ وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيماً﴾ بَني أُبيرق ﴿وَاسْتَغْفِرِ اللهَ﴾ أي: مما قُلتَ لقتادةَ ﴿إِنَّ اللهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً﴾ ﴿وَلا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّاناً أَثِيماً يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ وَهُوَ مَعَهُمْ﴾ إلى قوله: ﴿غَفُوراً رَحِيماً﴾ أي: لو استغفروا الله لغفر لهم: ﴿وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ﴾ إلى قوله: ﴿وإِثْماً مُبِيناً﴾ قولهم للبيد: وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ﴾ إلى قوله: ﴿فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً﴾ (١) فلما نَزَلَ القرآنُ أتى رسولَ الله بالسِّلاح فَرَدَّهُ إلى رفاعةَ، فقال قتادةُ: لما أتيتُ عمي بالسِّلاح، وكان شيخاً قد عشا أو عسا - الشك من أبي عيسى - في الجاهلية، وكنتُ أرى إسلامه مدخولاً (٢)،

فلما أتيتُهُ بالسِّلاح قال: يا ابن أخي، هو في سبيل الله، فَعرفتُ أنَّ إسلامَه


(١) النساء: ١٠٥ - ١١٤.
(٢) أي فيه نفاق. النهاية ٢/ ١٠٨ ..

<<  <  ج: ص:  >  >>