للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالاعتبار (١) و سبر الطرق، وقد تزول العلة بتلقي أهل العلم للحديث، فيقبل الحديث و يزول أثر العلة، أو تحديث مدلس، أو وجود قرينة تدل على حفظ الراوي ذلك الحديث. أما العلل الخفية فلا تزول، و هي على نوعين:

أحدهما: ما سببه المخالفة، فالراجحة محفوظة أو معروفة، والمرجوحة شاذة أو منكرة.

وثانيهما: أحاديث أُعلت بأسباب أخرى غير المخالفة: كمعارضة القرآن، أو نص صحيح متواتر، أو تاريخ مجمع عليه فهذه لا تزول، ويبقى الحديث مُعَلّاً.

فالعلل الظاهرة و هي التي سببها انقطاع في السند، أو ضعف في الراوي، أو تدليس، أو اختلاط تتفاوت ما بين الضعف الشديد و الضعف اليسير، فما كان يسيراً زال بمجيئه من طريق آخر مثله أو أحسن منه، و ما كان ضعفه شديداً فلا تنفعه كثرة الطرق. و بيان ذلك أنَّ ما كان ضعفه بسوء الحفظ أو اختلاط أو تدليس أو انقطاع يسير، فالضعف هنا يزول بالمتابعات وسبر الطرق، وقبل أنْ يذهب الناقد إلى تقوية حديث ما بمتابعة ما، وقبل الاعتبار بالرواية وضمها إلى غيرها؛ لإحداث التقوية والاعتضاد، يجب عليه أنْ يوفي الرواية حقها من النقد الخاص، وذلك بالنظر في رواتها، وهل فيهم من هو متهم بالكذب، أو غير ذلك مما يفضي إلى اطراح روايته، وعدم الاعتبار بها وأنْ يمحص رجال الإسناد فلعل راوياً سيئ الحفظ انقلب عليه براوٍ آخر، وهذا الاهتمام طبعاً لا يقتصر على السند فقط وإنما المتن أيضاً، فقد يكون أصل الحديث مشهوراً إلا أنَّ أحد الرواة زاد في المتن زيادة منكرة ليست هي في الحديث، فهذه الزيادة لا يعتبر بها؛ لأنها منكرة، ليس لذكرها في الحديث أصل يرجع إليه. فيجب


(١) الاعتبار: هو أنْ يعمد الناقد إلى حديث بعض الرواة، فيعتبره بروايات غيره من الرواة، بسبر طرق الحديث، وذلك بالتتبع و الاختبار، و النظر في المسانيد و الجوامع و المعاجم و غيرها؛ ليعلم هل هنالك متابع للحديث أو شاهد أم لا. انظر: " تدريب الراوي " ١/ ٢٠٢، و " ضوء القمر ": ٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>