للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحاديث أعلها الجهابذة بالاختلاف، وفاتهم أيضاً أنَّ إعلال الحديث بالوقف أشد من إعلاله بالإرسال قال الحافظ: «ونقل الحافظ العلائي عن شيخه ابن الزملكاني أنَّه فرق بين مسألتي تعارض الوصل والإرسال، والرفع والوقف، بأنَّ الوصل في السند زيادة من الثقة فتقبل، وليس الرفع زيادةً في المتن فتكون علة، وتقرير ذلك أنَّ المتن إنَّما هو قول النَّبيِّ ، فإذا كان من قول صحابي فليس بمرفوع فصار منافياً له؛ لأنَّ كونه من قول الصحابي مناف لكونه من كلام النبي ، وأما الموصول والمرسل فكل منهما موافق للأخر في كونه من كلام النبي » (١). وعليه فإنَّ التساهل الذي يدفع إلى قبول زيادة في السند لا يجب أن يقودنا إلى نسبة كلام للنبي لم يقله، وقد اختلفت أحكام النقاد في الحديث المختلف في رفعه ووقفه. وخلاصة أقوالهم فِيْمَا يأتي:

القَوْل الأول: يحكم للحديث بالرفع لأنَّ راويه مُثبِت وغيره ساكت، وَلَوْ كَانَ نافياً فالمثبت مقدم عَلَى النافي؛ لأَنَّهُ علم ما خفي، وَقَدْ عدوا ذَلِكَ أيضاً من قبيل زيادة الثِّقَة، وَهُوَ قَوْل كَثِيْر من المُحَدِّثِيْنَ، وقَوْل أكثر أهل الفقه والأصول (٢)، قَالَ العراقي: «الصَّحِيح الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُور أنَّ الرَّاوِي إذا رَوَى الحَدِيْث مرفوعاً وموقوفاً فالحكم للرفع، لأنَّ مَعَهُ في حالة الرفع زيادة، هَذَا هُوَ المرجَّح عِنْدَ أهل الحَدِيْث» (٣)، إلا إذا قام لدى الناقد دليل أو ظهرت قرائن يندمج معها الوقف، وقال الزركشي: «أما تعارض الرفع والوقف فالحكم على الأصح كما قاله ابن الصلاح لما رواه الثقة من الرفع؛ لأنَّه مثبت وغيره ساكت هذا بالنسبة إلى راويين» (٤).


(١) انظر: " نكت ابن حجر " ٢/ ٦٩٥ و:٤٧١ بتحقيقي، وهذا الكلام سبق ذكره وذكرته هنا استكمالاً للفائدة.
(٢) انظر: " شرح التبصرة والتذكرة " ١/ ٢٣٣ بتحقيقي، و" مقدمة جامع الأصول " ١/ ١٧٠،

و" فتح المغيث " ١/ ١٩٤، و" المحصول " ٢/ ٢٢٩ - ٢٣٠، و" الكفاية ": ٤١٧، و " شرح ألفية السيوطي ": ٢٩.
(٣) نقله السخاوي في "فتح المغيث " ١/ ١٩٥.
(٤) " البحر المحيط " ٣/ ٣٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>