للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القَوْل الثَّانِي: الحكم للوقف؛ لأنَّه متيقن ولأنَّ الرافع ربما تبع العادة وسلك الجادة، وإليه ذهب أكثر أهل الحديث (١).

القَوْل الثَّالِث: التفصيل؛ فالرفع زيادة، والزيادة من الثِّقَة مقبولة، إلا أنْ يوقفه الأكثر ويرفعه واحد، لظاهر غلطه وهذا قول الحاكم (٢).

والترجيح برواية الأكثر والأحفظ هُوَ الذي عَلَيْهِ العَمَل عِنْدَ المُحَدِّثِيْنَ؛ لأنَّ رِوَايَة الجمع إذا كانوا ثقات أتقن وأحسن وأصح وأقرب للصواب؛ لذا قَالَ ابن المبارك: «الحفاظ عن ابن شهاب ثلاثةٌ: مَالِك ومعمر وابن عيينة، فإذا اجتمع اثنان عَلَى قولٍ أخذنا بِهِ، وتركنا قَوْل الآخر» (٣).

قَالَ العلائي: «إنَّ الجماعة إذا اختلفوا في إسناد حَدِيث كَانَ القَوْل فِيْهِمْ للأكثر عدداً أو للأحفظ والأتقن … ويترجح هَذَا أيضاً من جهة المَعْنَى، بأنَّ مدار قبول خبر الواحد عَلَى غلبة الظن، وعند الاختلاف فِيْمَا هُوَ مقتضى لصحة الحَدِيْث أو لتعليله، يرجع إلى قَوْل الأكثر عدداً لبعدهم عن الغلط والسهو، وَذَلِكَ عِنْدَ التساوي في الحفظ والإتقان. فإن تفارقوا واستوى العدد فإلى قَوْل الأحفظ والأكثر إتقاناً، وهذه قاعدة متفق عَلَى العَمَل بِهَا عِنْدَ أهل الحَدِيْث» (٤).

وقال ابن رجب: «ولو ذكرنا الأحاديث المرفوعة التي أعلّت بأنَّها موقوفة إما على عبد الله بن سلام أو على كعب واشتبهتْ على بعض الرواة فرفعها لطال الأمر» (٥).


(١) انظر: " الكفاية ": ٤١١، و "مقدمة جامع الأصول " ١/ ١٧٠، و " فتح المغيث " ١/ ١٩٤، و " شرح ألفية السيوطي:: ٢٩.
(٢) انظر: " شرح التبصرة والتذكرة "١/ ٢٣٣ بتحقيقي، و" فتح المغيث " ١/ ١٩٥، و" شرح ألفية السيوطي ": ٢٩.
(٣) نقله عَنْهُ النَّسَائِيّ في " السُّنَن الكبرى " ١/ ٦٣٢ عقيب (٢٠٧٢) ط. العلمية و (٢٠٨٣) ط. الرسالة، ونقله عَنْهُ العلائي في " نظم الفرائد ": ٣٦٧ بلفظ: «حُفَّاظ علم الزُّهْرِيّ ثلاثة: مَالِك ومعمر وابن عيينة، فإذا اختلفوا أخذنا بقول رجلين مِنْهُمْ».
(٤) " نظم الفرائد ": ٣٦٧.
(٥) " فتح الباري " ٣/ ٤١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>